لغزيوي يكتب: بيعتنا المستمرة

بقلم: اامختار لغزيوي الأربعاء 30 يوليو 2025
WhatsApp Image 2025-07-30 à 13.28.53_4decdadc
WhatsApp Image 2025-07-30 à 13.28.53_4decdadc

وأنت تجول بالناظر في كل مكان، يطرح عليك الزمان السؤال عن أهمية الاحتفال بالمغرب ومناسباته الوطنية، وفي مقدمتها، وعلى رأسها المناسبة الغالية التي تحل اليوم: مناسبة عيد العرش المجيد.

لاتجد فقط 26 سببا للاحتفال، بل تجد آلاف المبررات الوجيهة لرفع الرأس فخرا، والصراخ في وجه الجميع: أنا مغربي، وأنا من هذا البراح الحضاري المتحضر، الذي يعرف جيدا من أين أتى، ويعرف أكثر من الجميع أين يقف اليوم، وطبعا يرى رؤى العين إلى أين هو سائر في الأمدين المنظور، والآخر البعيد.

بلد اختار أن يكون ورشا كبيرا مفتوحا على التقدم نحو الأفضل، وأنصت لصوت النبوغ فيه، ففهم أن أهم الأهم هو العمل، وتهييء التربة لمستقبله، فترك عنه كل الأشياء التي قد تبقيه عالقا فيما تورط فيه الأغبياء، وراهن فقط على ذكاء أبنائه وذكاء نفسه من أجل شيء واحد ووحيد: العبور الآمن نحو الغد، نحو المستقبل.

لذلك لايشبه وطننا ماعداه، ومن عداه. ولذلك ترانا قادرين على الصمود، أكثر من الآخرين، في وجه الضربات واضحها والخبيء، ونقيها والخبيث.

قام المغرب بنقلته الأهم سنة 1999، حين فهم قبل الآخرين بكثير، أن العالم تغير، وأن الأغبياء وحدهم لايتغيرون، وأن مصير مستقبله رهين بفهم هذا التغيير الشجاع فهما سليما وصائبا وصحيحا.

منحت مايسميه الأجانب عنا "البركة"، ومانسميه نحن "النية" المغرب القدرة حينها على رؤية مالم يشرع الآخرون في رؤيته إلا سنوات كثيرة بعدنا، فكانت لنا أفضلية الانطلاقة المبكرة، ومنذ ذلك الحين، وأوراشنا المغربية المفتوحة بكل نبوغ على كل تطورات الزمن تذهل الجميع، وتبهر البعيد قبل القريب، بل لعلها غالبا تبهر البعيد، فيخبر بها القريب، وبعدها ينبهران.

يستعد المغرب لانعطافة الحسم مع تقدمه، من خلال كل المواعد العالمية التي ينتظر استقبالها على أرضه، فمن خلالها يؤكد أن كل ماتم منذ 1999، وحتى الآن، وكل ماتم تأسيسه على الماضي المجيد الذي سبق تلك السنة لم يذهب سدى، بل أسس لقدرة المملكة اليوم على احتضان العالم في كل الميادين، بدون أي عقدة نقص، بل باعتراف كامل بالكفاءة والمكانة والقدرة على جعل العلامة الوطنية "صنع في المغرب"، دليل تميز يعترف به الجميع.

ليس الأمر سهلا، يعرف المغرب ذلك، بل هو ينطلق من أن الأمر صعب جدا، لكنه تعود على أن الصعاب تهون أمام ذوي القدرات العالية، والبلد واحد منها، لذلك يتقدم ويواصل المسير، غير مكترث إلا بقافلته التي يعتبر أنها يجب أن تصل إلى وجهتها سالمة غانمة.

ولو أن بلدا آخر ، واختاروا ماشئتم من الأقطار، تعرض ويتعرض لما يمس المغرب يوميا من استهداف لكان في خبر كان، لكننا المغرب، وفي الاكتفاء بالإسم وفخامته وعظمة الانتماء الرد الأفضل على كل محاولات الاستهداف التي لاتتعب، والتي لاتفهم أن كل هذا الضرب الصغير لهذا الجدار العظيم المسمى المملكة، لن يجدي نفعا، وسينجح فقط في تكسير الأيدي الصغيرة المتربصة بكل حقد بوطن لايعرف الحقد، بل يشهر الحب والحِلْمَ والعطف والحكمة أسلحةفي وجه أعدائه قبل أصدقائه، وبها يربح كل المعارك.

من معركة وحدتنا الترابية التي يجمع عليها العالم اليوم، دولة بعد الأخرى، حتى معركة التنمية اليومية للناس، اقتصادا، وثقافة، وتربية وتعليما وعدلا وصحة، وتثقيفا على المواطنة، وإشراكا للمواطن في كل ماينتظر بلده من تحديات، يصنع المغرب بهدوء وصمت، ودون بهرجة أو نزق، شكل المستقبل الذي يريده لنفسه ولأبنائه، يضع بصمته على العالم المحيط به والبعيد عنه، يتميز بطريقة تناوله للأشياء، لايشبه أحدا، ولايريد ذلك.

يعرف أنه المغرب، وأنه الاستثناء، لذلك يطبخ وصفته بتوابله المحلية، ولايتردد، من باب انفتاحه التاريخي العتيق، أن يضيف إليها، متى كان ذلك ضروريا من توابل الكون الفسيح مايزيدها مغربية، ومايؤكد أنها لن تكون إلا مغربية، مهما اقترح علينا "عبدة البراني" كل مرة في "كاتالوج" انبهارهم بالأجانب وبالآخرين نموذجا جديدا للاقتداء.

في المغرب العظيم لدينا نموذج واحد، يملأ القلب والعقل والفؤاد وكل الحواس منا: اقترحه علينا ملكنا الواحد، محمد السادس، منذ 26 خلت، فقلنا "آمين"، وأضفنا بكل افتخار الكون والرأس منا مرفوع نحو السماء "الله يبارك فعمر سيدي"، هذا العام، وكل الأعوام المقبلة.

ذاك العهد بيننا، نحن أهل "تمغربيت"، وتلك البيعة الصادقة والأمينة في الأعناق، وذلك ديدن قوم الوفاء الأصليين الذين يعرفون بين الأمم باسم…المغاربة.