ليس السؤال اليوم : من وراء جبروت؟ ولا هو سؤال: لماذا تستهدف حملات معينة أناسا معينين، وتترك آخرين في "التيقار يعمهون"؟ ولا هو أيضا سؤال ثالث عن المستفيد، أو المستفيدين من ضلال حملات تضليلية تنشط في فترات محددة ودقيقة عبر الشبكة العنكبوتية، وخيوطها هي الوهن كله.
لا، كل هذا له لدى أهل العلم الذين يعرفون بعض الخبايا والخفايا، كثير التفسير، فهم قابضون على "راس الخيط"، ويتابعون ويتتبعون اللعب من "راس العين"، أي من المنابع، وليس عند هذا المصب الصغير أو ذاك.
السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن نطرحه، بعد سؤال حماية المعطيات الشخصية لكل مواطن مغربي، صغر أم كبر حجمه، هو سؤال تصديق بعضنا بسرعة، ودون أي تمحيص، لأي شيء يتم إلقاؤه على قارعة طريق الأنترنيت.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
اليوم، يمكنك بكل سهولة الكون، أن تكتب أن فلانا يمتلك قطعة أرض كبيرة جدا في المريخ، (شوكة) قرب بقعة إيلون ماسك مباشرة، وأنه استولى عليها بشكل غير قانوني بتواطؤ من طرف إدارة العقار هناك في كوكب مارس، وسيصدقك القابلون لتصديق كل شيء.
انعدام العقل السليم ليس التفسير الوحيد للحكاية.
لا، قومنا اكتووا في السابق من الأعوام والعقود بعمليات احتيال غير قانونية، تورط فيها مسؤولون غير مسؤولين، لذلك أصبحت عضة الثعبان السالفة هاته قادرة على إخافة شعبنا من أي حبل طويل.
ولذلك يسهل أن تمس ذمة أي مواطن مغربي بمجرد إلقاء أي اتهام في الأنترنيت.
لن يسألك أحد عن صحة الاتهام من عدمها.
لا، سيقوم أولا الجميع بعملية "البارطاج"، أي التشهير العلني والجماعي، وبعدها "يحن الله".
وحتى عندما تمر الأيام، وتأتي دورتها بتبرئة ذمة من وجّهت إليه الجموع الاتهام، لايهتم الناس بذلك، لأن فعل البراءة غير مغري ولايثير الانتباه، عكس فعل الاتهام والإدانة والشك في الذمة.
أسوأ من ذلك، وبسبب فوضى الحواس التي اجتاحت المشهد الإعلامي، (أو ماتبقى منه في انتظار إعادة القانون والتنظيم قريبا إلى هذا المجال) يستغل بعض منتحلي الصفة الصحافية من ملاك كبريات وصغريات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الفوضى لتصفية الحساب مع أعدائهم وخصومهم الحقيقيين والافتراضيين، يصب مزيد من النار على حمى الاتهامات هاته، مع علم أغلبيتهم بحقيقة كذب هذه التسريبات وتوجيهها الظالم نحو توجه معين، لكنها بالنسبة لهم ضرورة الحرب وانتهاز الفرص من أجل إما مزيد من الابتزاز المالي، أو مزيد من الابتزاز السياسي، أو الابتزاز الجامع بين الحسنيين: المال والسياسة.
الحل الوحيد الذي يبدو عاقلا هنا هو تقوية مجالنا الإعلامي لكي تصبح له القدرة على تحصين المتلقي من وباء تصديق أي شيء، مع قيام العدالة بواجبها دون زيادة ولانقصان، حين تورط مسؤولين معينين في قضايا حقيقية لكي يكونوا عبرة لمن يعتبر، ولكي يطمئن قلب المواطن المغربي أننا جميعا سواسية أمام القانون، ولكي نقطع الطريق على الجالسين على القارعة، ينتظرون فقط السوء للوطن في كل المجالات.
تبقى العودة في الختام ضرورية لسؤال بداية الملحوظة، عن المستفيد من هذه الحملات، أي الآمر بالصرف، المختفي في مكان ما، والذي يتخيل أنه يستطيع التخفي مزيدا من الوقت.
هذا سؤال نترك لما سيأتي من أيام صيفنا هذا أن يجيب عليه، ففي صيف 2025، سيتأكد محرك البحث عن المشاكل هذا أنه قد أضاع فعلا كل اللبن…
"يتبع"، مثلما يقال في المسلسلات، أو "لنا عودة إلى الموضوع"، مثلما كان يقول النصابون والمحتالون في الجرائد سابقا، وأصبحوا يقولونها الآن في اليوتوب وتيك توك وبقية المنصات حاليا.