لغزيوي يكتب: المال مقابل الصمت !

المختار لغزيوي الأربعاء 16 يوليو 2025
IMG_4844
IMG_4844

طرح زميلنا ورئيس تحرير جريدتنا محمد أبويهدة في عدد أمس الثلاثاء، موضوعا شائكا للنقاش، يتعلق بصمت المنظمات الحقوقية الدولية عن خروقات حقوق الإنسان الحقيقية في الجزائر، مقابل تركيزها المرضي على المملكة المغربية، حد تحويل قضايا تتعلق بالحق العام إلى قضايا سياسية مزعومة، وقضايا رأي مختلقة. 

يكفي أن تتأمل نوعية التعامل لكي تفهم: هذه المنظمات الحقوقية تعرف جيدا أن المملكة المغربية، دولة مدنية حقيقية، تعطي اعتباراً كبيرا وفعليا لاحترام حقوق الإنسان، وتعنى بتحسين وضعية هذه الحقوق على تراب وطنها، وتتفاعل باستمرار مع مختلف التقارير الدولية والمحلية الصادرة في هذا الموضوع. 

بل إن المغرب أحيانا يهتم ببعض الآراء والتصريحات الفردية لحقوقيين دوليين ومحليين، قد لا يكون لها أي وزن، وقد يقتلها التجاهل ويحرمها من أي قيمة، لكن بلدنا ومن منطلق اقتناع عاهله وحكومته وشعبه بأن تكريم بني آدم الذي تحدث عنه القرآن الكريم يمر عبر احترام حقوق الإنسان، يتفاعل ويتواصل ويرد ويفسر. 

طبعا نحن من بلد الحسن الثاني رحمه الله، وذلك الملك العظيم علمنا بالنقطة والفاصلة أن "النية الحسنة لاتنفع مع ذوي النيات السيئة مهما بلغ صدقها"، لكن بلدنا يقوم بواجبه في هذا المجال، وبما يريح ضميره، وبما يحترم آدمية شعبه وتحضره، ويراعي عراقة الدولة هنا، وأنها ثابتة في التاريخ، وليست لقيطة، ولا ابنة حرام وفراش استعمار عابر، ولاهي وليدة الأمس، أو ماقبل الأمس فقط. 

بالمقابل، لايمكنك أن تنتظر من فخامة تبون، أو من الفريق الذي لم يخض حربا واحدة إلا وخسرها وخرج منها أسيرا شنقريحة، أن يحترما حقوق الإنسان في البلد الشرقي الجار. 

هذه بالنسبة لهما، وبالنسبة للطغمة التي ترافقهما في حكم الجزائر بالحديد والنار "أضغاث أحلام"، و "كلام ليل لايحتاج لنهار لكي يمحى"، والحل بسيط وسهل مع المنظمات الحقوقية الدولية، قوامه مايعبر عنه المغاربة بمثلهم الدارج البليغ "عطيه لحلقو ينسا اللي خلقو"، ومعه ينسى حقوق الإنسان، والتقارير المدبجة بالكلمات الرنانة والطنانة. 

يكفي أن تلاحظ الصمت المريب الذي تلفعت فيه هذه المنظمات الحقوقية كلها في قضية الكاتب بوعلام صنصال لكي تفهم المقلب جيدا، ولكي تعرف أنها منظمات ترتزق بحقوق الإنسان، وآخر هم حقيقي لها هو الارتقاء بهذه الحقوق أو الدفاع عنها. 

هل نتهم هذه المنظمات الحقوقية بالارتشاء للسكوت عن خروقات جسيمة لحقوق الإنسان في الجزائر؟ 

نعم. 

أكثر من هذا، نتهمها بابتزاز دول مثل المغرب تعنى بصورتها الحقوقية العالمية، وتبذل جهدا حقيقيا في هذا المجال، لكنها لاتمنح "المال مقابل الصمت" لهذه المنظمات بمختلف وسائطها (المحلية والإقليمية والدولية) لذلك تتعرض لظلم شديد. 

تخيلوا أن تحول منظمة حقوقية قضية اغتصاب واضحة في المغرب، بضحايا وشهود وأدلة وحجج، إلى قضية اعتقال سياسي، وأن تعتبر اعتقال كاتب مسن مثل صنصال، عبر عن رأي تاريخي فقط في مقال وفي بلاتو تلفزي  "شأنا سياديا داخليا يهم الجزائر وحدها". 

تأملوا في فعل التناقض الفادح هذا، ولاتندهشوا كثيرا، فالمال يصنع العجب العجاب، ونحن في المغرب، نقول من باب التجربة العريقة إنه "كيدير الطريق فالبحر". لذلك لا استغراب، ولا اندهاش. فقط الإصرار على احترام حقوق الإنسان فعلا، ومعها تطبيق القانون، وترك نفس البحر لهذه المنظمات الحقوقية لكي تشرب منه إذا لم يعجبها الحال، علما أننا هنا في هذا الوطن الأمين، نتوفر على بحرين، وليس على بحر واحد.