الصحافة والحقيقة

بقلم: حكيم بلمداحي الثلاثاء 24 يونيو 2025
phISBp5UNWNPYVd4bT3VY1Cz142slzOzgtNpqvpI
phISBp5UNWNPYVd4bT3VY1Cz142slzOzgtNpqvpI

كشفت شهادات لصحافيين، أثيرت في لقاء نظمته اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر بمدينة الداخلة، حجم المعلومات المغلوطة التي تروج حول قضية الصحراء المغربية. ففي شهادة للصحافية الإسبانية باتريسيا ماجيدي، تحدثت هذه الأخيرة عن كون حقيقة قضية الصحراء لا علاقة له بما يقال في إسبانيا. هذا الاستنتاج جاءت به الصحافية الإسبانية من خلال بحثها الميداني، حيث تنقلت بين مخيمات تيندوف جنوب الجزائر، والأقاليم الجنوبية المغربية خصوصا مدينة العيون. وعبرت باتريسيا ماجيدي عن بعد ما يقال عن الواقع، حيث اكتشفت واقعا غريبا في مخيمات تيندوف أساسه الكذب والتضليل والقمع والفساد، فهناك "كل شيء يباع".

وقد حكت الصحافية الإسبانية تجربتها، وما رأته واكتشفته بأم عينيها في مخيمات تيندوف. فالمعونات الإنسانية من أدوية ومواد تباع ولا تقدم للمستحقين، كما أن هناك نوعين من الناس في تيندوف: موالون للبوليساريو وقادة فيها يتمتعون بالرفاه، ومختلفون مع البوليساريو يعيشون في تضييق ويواجهون ممارسات مشينة من تعذيب وقمع وتهميش.

الصحافية باتريسيا ماجيدي تحكي في شهادتها أنها غادرت تيندوف ومخيماتها، وجاءت إلى الصحراء ودخلت مدينة العيون وكانت تنتظر أن تجد مخيمات وقمع وبؤس كما حال مخيمات تيندوف، لكنها ستفاجأ بمدينة بمرافقها وشوارعها. مدينة فيها ماكدونالد وهو ما لا يمكن أن يحدث في أماكن النزاع، وفيها الناس يعيشون ويتعايشون في وئام وحب وصداقة، ولا وجود لما يقال عن عداوة بين "الصحراويين" والمغاربة". تقول الصحافية الإسبانية في شهادتها "...شاهدت – دون أن أقصد – لقطة لسيدتين صحراويتين ترتديان "الملحفة"، توقفتا لتصافحا سيدتين مغربيتين، وتبادلن القبل والعناق، ثم واصلن المشي كصديقات. لم أستوعب حينها كيف بيعت لي صورة "العداوة الكبرى" بينما الواقع كان مختلفا تماما".

شهادة الصحافية باتريسيا ماجيدي، وشهادات أخرى لصحافيين حضروا لقاء الداخلة، تبين حجم المغالطات والأكاذيب التي تروجها، بشكل ممنهج ومدروس، جهات معادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية. وقد واجهت قضية الصحراء المغربية على مدار سنوات عدة الكثير من التضليل، وللأسف ما يزال الأمر متواصلا، ولو بشكل أقل لوجود تطور في ملف الصحراء نتيجة عمل ديبلوماسي يقوم به المغرب.

وإذا كان الصحافيون يعانون أيضا من التضليل، فكيف للشعوب أن لا تكون ضحية سهلة ومستساغة للكاذبين والمضللين والمتلاعبين بالمعلومات. وفي الوقت الذي تعرف فيه قضية الصحراء المغربية تطورا، على المستوى الرسمي على الأقل، هناك حاجة إلى بلوغ الحقيقة إلى الشعوب. وهذا دور الصحافة ودور الديبلوماسية الشعبية والموازية.

شهادة الصحافيين، في لقاء الداخلة، عن حجم التضليل بخصوص قضية الصحراء المغربية، يعيد طرح التساؤل حول السياسة الإعلامية في المغرب. فنحن نواجه شبه فراغ في هذا الموضوع، وهذا الفراغ جزء من المسؤولية حول انتشار التضليل والمغالطات بخصوص القضية. وللأسف فالأمر لا يتعلق فقط بقضية الصحراء، بل يتجاوزها إلى قضايا أخرى. فضعف أو غياب استراتيجية إعلامية، يفوت على المغرب الكثير من الأمور، ويخلق مجموعة من الشوائب التي قد تشوش على المسار التنموي المغربي، وعلى حقيقة المملكة على المستوى الإقليمي والجيواستراتيجي..