في مثل هذه المرحلة من كل سنة، ومنذ سنوات عديدة، يجري الحديث عن الغش والفساد في امتحانات مستويات تعليمية إشهادية ..
تطور وسائل التواصل، والتخلف في التعامل معها، أصبح فرجة لتقديم الموضوع/ الإشكالية بشكل كاريكاتوري مؤلم. والأخطر مما في الأمر هو بلوغنا مرحلة التطبيع مع هذا العبث والوصول إلى درجة أصبح بعض الناس ينظرون إلى عملية الغش في الامتحانات شيئا عاديا وليس فيه أي عيب أخلاقي أو قانوني، بل هناك إحساس عند العديد من الأسر بكون الغش في الامتحان حق لا يجب مواجهته لا بالزجر ولا بالعقاب. وقد وقعت عدة مشاكل ومآسي أيضا استهدفت عناصر من أسرة التعليم قامت بواجبها في الحراسة ورفضت الغش. وفي هذا الجانب يظهر أن هناك نزوعا عند بعض المكلفين بالحراسة في امتحانات الباكالوريا، مثلا، نحو غض الطرف والتعامل بالتي هي أحسن خوفا مكن ردات فعل قد تكون وخيمة عليهم وعلى أسرهم.
هذا واقع مرير يمكن النظر إليه من عدة زوايا، من بينها طبعا هذا المستوى من التطبيع مع الفساد وقبوله، وهو تطبيع آخذ في التوغل في المجتمع بشكل محزن ومخيف.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
غير أن أمر الغش في الامتحانات لا يمكن النظر إليه من زاوية أخلاقية وقانونية فقط، بل الأمر يحتاج إلى تقييم عام وتقويم أشمل لعملية الامتحانات بصفة عامة..
هناك حاجة ماسة، اليوم، إلى مساءلة نظام التقييم المعتمد في قطاع التعليم بصفة عامة. وفي اعتقادي هذا الجانب هو الحجر الأساس الذي يمكن من تجاوز كل هذا الذي نعيشه اليوم من غش وفساد وضجيج.
هناك مجموعة من التحديات يواجهها نظام التقييم في التعليم المغربي، على رأس هذه التحديات اعتماده على النتائج فقط. فالتقويم المعتمد في التعليم المغربي يعتمد على استظهار المعارف وليس الكفايات والمهارات. ويعتمد في، جانب أكبر، على التقييم الإجمالي/الختامي، وهذا الأمر لا يمكن أن يعطي تقييما حقيقيا للتلاميذ، وفي نفس الوقت يفتح المجال للتسابق نحو التفنن في استعمال الغش للحصول عل نقط عالية توفرها أيضا منهجية التقييم المعتمد.
هذا الأسلوب في التقييم من ناحية لا يعطي الصورة الحقيقية للتلميذ، ويفسح المجال للتحايل بشتى الوسائل للحصول على نقطة عالية. كما أن هذه الطريقة تخلق جوا عاما وضغوطات على الممتحنين وأسرهم، خصوصا في الامتحانات الإشهادية. وكل هذا يخلق مناخا لا علاقة له بالجانب التعليمي والتربوي.
إلى جانب ذلك يعتمد التقييم في النظام التعليمي المغربي على الاختبارات الكتابية الكلاسيكية ويهمل التقييم الشفهي والتقييم القائم على المشاريع العروض وهو ما يجعله تقييما قاصرا في الوقوف على مستوى المتعلم، ومجحفا في حق بعض المتعلمين، وقد يخلق بعض الحوادث المؤثرة على مستقبل بعضهم.
من هنا يمكن استننتاج نقائص نظام التقييم في التعليم المغربي، وابتعاده بشكل كبير على فلسفة التقييم التي من المفروض أن تكون أداة للتعلم وليس طريقة للحكم على مستوى المتعلم.
لا شئ يبرر الغش في الامتحانات أو غيرها، لكن بالنسبة للتعليم هناك ضرورة لإعادة النظر في نظام التقييم وفي أسلوب الامتحانات.