مستر كبيدة!

بقلم: المختار لغزيوي الخميس 29 مايو 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

لا تكتمل فرحة العيد بالنسبة للمواطن «مستر كبيدة» دون احتضان «الدوارة». 

ولا يمكن إطلاقا، وإن أتيت بالاحتباس المناخي شخصيا ليشهد معك على صعوبة الوضع، أن تقنع «مستر كبيدة»، أن التهام أحشاء الذبيحة ليس ركنا ثابتا من أركان الدين ومن أساسيات شعيرة عيد الأضحى، والقيام بها خير قيام. 

«مستر كبيدة»، الذي نلتقي به كل «عيد كبير»، وهو يقوم بعملية «تشواط الرأس والكرعين» في الشارع، مشعلا النيران، وتاركا في الشوارع بعد الإحراق كل مخلفاته، هو الذي يتحول في شهر رمضان إلى «مستر حريرة»، و«مستر سمك»، و«مستر شهيوات»، ويحول عملية الصيام التي هي جهاد للنفس وحرمان لها من الشهوات من الفجر حتى المغرب، إلى لحظة جلوس متكلسة أمام مائدة غريبة وغير متناسقة، يختلط فيها الحلو بالمالح بالمليء شحوما بالكثير توابلا قبل ضرب «الكوكتيل» في الخلاط رفقة «سيتكومات الحموضة القاتلة»، والتجشؤ بقوة في وجه المشاهد الكريم، والقول باطمئنان شديد «الحمد لله وأستغفر الله العظيم». 

لكن «كله كوم والعيد الكبير كوم ثاني»، فبالنسبة للمدعو قيد مماته غير المعلن «مستر كبيدة»، قضيب البولفاف الواحد يساوي الدنيا وما فيها. وعندما تقول له إن حالة القطيع غير مطمئنة إطلاقا، وأنه من الضروري الحفاظ على رؤوس الخرفان المتوفرة في البلد، وتطلب منه أن يلعن الشيطان الرجيم هذه السنة، وأن يعفو عند المقدرة على «البهيمة» المسكينة، يغضب «مستر كبيدة»، ويلوح بأحشائه في كل مكان ويقول لك وهو يذرف الدموع «ما شغليش... غادي نعيد». 

يرتكب «مستر كبيدة» المناسبات الوهمية، ويصبح أرنبا ولادا هذه الأيام لديه العقيقة بشكل يومي، ومطالب هو بـ«السبوع» كل نهار فقط لكي يشتري كبشا ينحره ويلتهم أحشاءه ذلك اليوم الأغر، قبل أن يجلس محملقا في السقف فترة الزوال كلها، وهو يطرح السؤال: «متى سيشرع البنك في اقتطاع «طريطات» العيد السعيد؟». 

هذه السنة قد يتنازل «مستر كبيدة» عن الخروف كله، لكنه حين «الدوارة» لن يستسلم. 

ثم إن العروض مغرية، والعرض فعلا مسل للقطيع: 1200 درهم للسوبر دوارة، و250 إلى 300 درهم للدوارة العادية، الخالية من الدهون والشوائب والمواد الحافظة. 

المهم: الجميع سيحتضن دوارته ذلك اليوم، وإن اضطرنا الأمر إلى انتزاعها من الخرفان دون قتلهم، بعملية قيصرية ما، هي غير ممكنة بيطريا، ومستحيلة في علم الأحياء، لكن مع «مستر كبيدة»، وفي أمور الأكل والازدراد و«القص» هاته المستحيل ليس مغربيا، والخروف بنفسه سيرى العجب العجاب وهو يعيش معنا العام المقبل كله دون أحشاء، مكتفيا بالتجوال بعينيه داخل رأسه الفارغ، والتساؤل بكل وجودية قطيعية: لماذا؟ قبل الصراخ باستسلام شديد: «بااااااع». 

وعلى ذكر العين داخل الرأس، يتساءل الكل: كيف سيستغني «مستر كبيدة» عن لحم الرأس، وعن حلاوة اللسان، وعن تمريغ العين المبخرة في الملح والكمون قبل التهامها ليلا، والبقاء مستيقظا كالحي، باحثا عن أقرب صيدلية للمستعجلات لكي تحل له الإشكال. 

هنا أيضا، لا تخافوا على «مستر كبيدة»، سيجد حلا، وقد يتدبر أمر رأس الخروف دون ذبحه، ففي نهاية المطاف لا بد من طرح السؤال: هل من الضروري العيش برأس إذا كان فارغا ولا يحتوي لا على المخيخ الأكبر ولا على نظيره الأصغر؟ 

هل هو أمر ضروري حقا التوفر على رأس مع «مستر كبيدة»، ومن يشبهونه؟ 

الله أعلم، وكل عام وأنتم بخير تطرحون السؤال: «كيف خرجات دوارتكم» يا قوم؟