في ظل التحديات الأمنية المتزايدة إقليمياً ودولياً، أصبحت المؤسسات الاستخباراتية المغربية تُعدّ من بين الأكثر فعالية واعتماداً في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. العديد من الدول باتت تلجأ إلى الخبرة الأمنية المغربية، خاصة في الملفات المرتبطة بالتهديدات العابرة للحدود.
من بين أبرز الفاعلين في هذا المشهد، يبرز اسمان قويان: محمد ياسين المنصوري، المدير العام للمديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، وعبد اللطيف حموشي، المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) والمديرية العامة للأمن الوطني (DGSN).
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
محمد ياسين المنصوري... المدني الذي يقود الاستخبارات الخارجية
لأول مرة في تاريخ المغرب، يُسند منصب قيادة جهاز الاستخبارات الخارجية لشخصية مدنية. وُلد محمد ياسين المنصوري يوم 2 أبريل 1962 بمدينة بُجعد، وتربى في بيئة محافظة بعيدة عن عالم المال والأعمال. والده كان شخصية محترمة في المنطقة، لكن دون علاقات مالية أو نفوذ اقتصادي.
شارك المنصوري مقاعد الدراسة منذ الصغر مع الملك محمد السادس، من الكلية الملكية إلى غاية الدراسات العليا في كلية الحقوق بالرباط، وهو ما خلق بينهما علاقة ثقة شخصية عميقة.
رغم هذا القرب من مركز القرار، ظلّ محمد ياسين المنصوري وفيًّا لطبعه المتحفظ، هادئاً، قليل الظهور، لا يحب الأضواء ولا يسعى لبناء شبكات نفوذ أو ولاءات، على عكس كثيرين ممن صعدوا في محيط السلطة. قليل الأصدقاء، شديد الخصوصية في حياته، لكنه يتمتع بثقافة موسوعية، خصوصاً في مجالات الفكر العربي الإسلامي، ويُعرف بحبه العميق للقراءة.
قبل توليه منصبه الحالي على رأس DGED، أشرف المنصوري على وكالة المغرب العربي للأنباء (MAP) من 1999 إلى 2003، حيث قاد إصلاحات عميقة في خطها التحريري وبُنيتها التنظيمية، مانحاً الوكالة نفساً مهنياً أقرب إلى روح الانفتاح والديمقراطية، في فترة اتسمت باضطراب الأداء الحكومي وصعوبة إدارة المعلومة الرسمية.
عبد اللطيف حموشي... رجل الظل بقبضة من حديد
إلى جانبه، يقف عبد اللطيف حموشي، الرجل الذي يتولى منصبين حساسَين في الآن ذاته: مدير مديرية مراقبة التراب الوطني (DGST) والمديرية العامة للأمن الوطني (DGSN). يُعتبر حموشي العقل المدبر لمنظومة الأمن الداخلي في المغرب، وواحداً من أبرز مهندسي المقاربة المغربية في مكافحة التطرف والإرهاب.
بحنكته وصرامته، راكم حموشي ثقة عدد من الأجهزة الأمنية الدولية، إذ أصبح التعاون مع مصالحه خياراً استراتيجياً بالنسبة لدول أوروبية عديدة، لاسيما في قضايا تفكيك الشبكات الإرهابية والهجرة غير النظامية.
رجال الأمن.. درع المغرب الخفي
ما يميز هؤلاء القادة ليس فقط تمركزهم في مفاصل أمنية حساسة، بل أيضاً قدرتهم على الجمع بين الاحترافية العالية والتواضع والابتعاد عن الاستعراض. فخلف الهدوء الظاهري، تختبئ صرامة منهجية، ومقاربة أمنية قائمة على الاستباق، لا على ردّ الفعل.
عبر عملهما المشترك، أسّس كل من المنصوري وحموشي لمرحلة جديدة في تاريخ الأمن المغربي، حيث أصبح التعاون الاستخباراتي أداة ديبلوماسية بامتياز، تدعم موقع المملكة إقليمياً ودولياً، وتكرس صورة المغرب كشريك موثوق في الأمن والاستقرار.
محمد ياسين المنصوري... رجل الدولة الهادئ الذي يُدير خيوط الاستخبارات المغربية باقتدار
منذ تعيينه على رأس المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، الجهاز المكلف بالاستخبارات الخارجية للمملكة المغربية، برز اسم محمد ياسين المنصوري كأحد أبرز رجالات الدولة الذين يشتغلون في الظل بصمت وكفاءة. وقد سبقت هذا التعيين مسيرة حافلة في دواليب وزارة الداخلية، حيث تولى منذ سنة 2003 منصب والي ومدير عام الشؤون الداخلية.
وسيط دقيق في الملفات الشائكة
خلال فترة عمله بوزارة الداخلية، أبان المنصوري عن مهارات تفاوضية رفيعة، ساهمت في إعادة العلاقات المغربية الإسبانية إلى سكتها الطبيعية، لا سيما في ما يتعلق بالتعاون الثنائي في ملفات الهجرة غير النظامية ومحاربة تهريب المخدرات. كما لعب دوراً محورياً في تدبير ملفات حساسة تتعلق بالانتخابات، والهجرة، والمخدرات، والأقاليم الجنوبية، وقضايا الأمن الداخلي.
كان يباشر مهامه بهدوء وفعالية، ويُحدث تغييرات عميقة دون ضجيج. فقد قام بتحديث جهاز الاستعلامات العامة (RG)، وتولى معالجة الملفات الثقيلة التي كانت تتطلب حنكة ودراية واسعة، خصوصاً تلك المرتبطة بعلاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي، والتي تمحورت حول موضوعات بالغة الحساسية كالهجرة والمخدرات. وكان أداءه ناجحاً بشهادة الشركاء الأوروبيين.
بداية هادئة لمسيرة استخباراتية عريقة
انطلقت مسيرة المنصوري المهنية في منتصف الثمانينات داخل وزارة الداخلية، كمتدرّب في ديوان الوزير الراحل إدريس البصري. وقد وصفه زملاؤه آنذاك بـ"الشاب المنضبط والجاد، وربما المفرط في التحفظ". تعلّم بهدوء، وأظهر كفاءات استثنائية في تحليل المعطيات وتفكيك المعادلات الأمنية.
مع اعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999، عاد الاهتمام بشخصية المنصوري. فمع اندلاع أحداث عنيفة في مدينة العيون، كلف الملك محمد السادس كلاً من الجنرال حميدو لعنيگري والمنصوري بإعداد تقرير مفصل حول الوضع. وقد حمل التقرير انتقادات لاذعة لنهج القمع الذي كان يتبناه إدريس البصري، ما أدى لاحقاً إلى إعفائه.
وفي ذات السنة، عُين المنصوري مديراً عاماً لوكالة المغرب العربي للأنباء (MAP)، حيث باشر إصلاحات هادئة شملت طرق جمع ومعالجة الأخبار، وأعاد تفعيل مكاتب الوكالة بالخارج، كما وسّع شبكة علاقاته المهنية والدبلوماسية.
المهندس الميداني للشؤون الداخلية
عاد المنصوري إلى وزارة الداخلية في مارس 2003، لكن هذه المرة كوالي ومدير عام للشؤون الداخلية (DAGI)، وهي إدارة مركزية تُشرف على مراقبة عمل الولاة والعمال، وتنسق المعلومة التي تَرِد من مختلف وحدات الإدارة الترابية.
في هذا المنصب، أشرف المنصوري على تنظيم الانتخابات الجماعية لسنة 2003، والتقى بزعماء الأحزاب السياسية، بما فيها القوى الأكثر راديكالية مثل حزب النهج الديمقراطي. كما انفتح على أطياف متنوعة من الفاعلين في الأقاليم الجنوبية، وعمل بالتوازي مع نظرائه من إسبانيا وفرنسا وإفريقيا على ملفات معقدة تشمل الهجرة غير الشرعية، تهريب المخدرات، والتعاون ضد الإرهاب.
وفي فبراير 2005، عُيّن محمد ياسين المنصوري على رأس المديرية العامة للدراسات والمستندات، ليصبح أول مدني يقود هذا الجهاز السيادي. ومن هناك، واصل الاشتغال على نفس الملفات لكن بمنهج مختلف أكثر هدوءاً، وأكثر فاعلية.
التواضع كسلاح سري
ما يميز المنصوري، إلى جانب الكفاءة العالية والانضباط، هو تواضعه الكبير. فطيلة سنوات، كان يتنقل إلى عمله في وزارة الداخلية دون بهرجة، يلتزم بدقة بالمواعيد، ولا يبحث عن الظهور الإعلامي أو النفوذ الشخصي. لم يكن إدريس البصري لطيفاً معه، لكنه ظل ملتزماً بالتكوين والعمل الجاد.
في الوقت الذي انشغل فيه بعض رفاقه السابقين من النخبة الحاكمة بمظاهر الترف والاستعراض، ركّز المنصوري على تلبية توجيهات رجل واحد: الملك.
التعاون مع الشركاء الدوليين... واجهة للثقة المغربية
يدرك المنصوري جيداً أن الأمن الخارجي لا يتحقق إلا من خلال تنسيق عميق مع أجهزة استخباراتية أخرى، خاصة في ظل التحديات المعاصرة كالإرهاب العابر للحدود، الهجرة الجماعية، وشبكات الجريمة المنظمة. وقد مكّنه أسلوبه العملي والهادئ من بناء شبكة ثقة فعالة مع العديد من الشركاء الدوليين، خاصة في أوروبا وإفريقيا.
اليوم، بعد عقدين من الخدمة في مفاصل الدولة الحساسة، أصبح محمد ياسين المنصوري يُجسد نموذجاً للمسؤول الأمني المغربي الذي يجمع بين الوفاء، التواضع، والانضباط المؤسساتي، في خدمة أمن البلاد ومصالحها العليا.
ياسين المنصوري... رجل الظل الذي أصبح رقماً صعباً في معادلة الأمن الدولي
بينما اختارت الجزائر المقاربة العسكرية المباشرة في مواجهة الإرهاب، راهن المغرب على ورقة الاستخبارات. ورقة تفوقت في سياقها المؤسساتي المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، بقيادة محمد ياسين المنصوري، الذي أصبح اسمه مألوفاً في دوائر الأمن الإقليمي والدولي، خصوصاً بمنطقة الساحل والصحراء.
مصادر مقربة من وزارة الداخلية المغربية تؤكد أن المنصوري يفتخر بكون جهازه كان من أوائل من دق ناقوس الخطر بشأن تصاعد التهديدات الإرهابية في المنطقة، في وقت لم تكن القوى الكبرى قد استوعبت بعد حجم الخطر الداهم. وبأسلوب هادئ وسري، شارك المغرب تقارير ومعطيات استخباراتية دقيقة مع الدول العظمى، دون أن يسعى لاستثمار الملف سياسياً ضد "البوليساريو"، أو لاستغلاله لتكريس السيادة المغربية على الصحراء بطريقة دعائية.
هذا التوجه الاحترافي، وإن ظل بعيداً عن الأضواء، أعطى ثماره. ففي غشت 2010، كشف وزير الداخلية الإسباني، بشكل عرضي تقريباً، أن المغرب قدّم "مساعدة ثمينة" لإسبانيا في تحرير رهينتين محتجزتين لدى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" (AQMI). هذه الواقعة، وغيرها، تؤكد أن المغرب لم يكتفِ بتأمين حدوده، بل أصبح فاعلاً استخباراتياً إقليمياً محورياً.
ويعلّق مراقب صحراوي على الأمر بالقول: "الأمر يتجاوز مجرد تبادل معلومات. المغرب يريد إيصال رسالة واضحة: لا مستقبل للتنظيمات الجهادية في منطقة الصحراء، طالما بقيت تحت السيادة المغربية". وفي هذا السياق، تحوّل محمد ياسين المنصوري إلى محاور لا غنى عنه لدى الأوروبيين والأمريكيين، حيث يُقال إن زياراته إلى واشنطن أصبحت منتظمة، وله علاقات رفيعة داخل أبرز وكالات الاستخبارات الأمريكية.
ولم تكن هذه الدينامية مغربية فقط. ففي اجتماع رفيع للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، عرض المنصوري بشكل دقيق أرقام الخلايا المفككة، وعدد المغاربة الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا، وكشف عن علاقات مؤكدة بين البوليساريو وهذه التنظيمات، خصوصاً على محور الجزائر - باماكو - نيامي.
وأكد المسؤول المغربي أن الأجهزة المغربية أحبطت عدة هجمات إرهابية بالتعاون مع الولايات المتحدة، فرنسا، بلجيكا، وإسبانيا. كما ساهمت في عمليات نوعية، أبرزها دعم فرنسا في عملية "سيرفال" سنة 2013 شمال مالي، ضد جماعة "أنصار الدين".
وفي هذا الإطار، ذكّر المنصوري أن المغرب فكك، منذ 2005، شبكات إرهابية تنتمي لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، من أبرزها:
المنصوري شدد على أن التهديد القادم من منطقة الساحل أصبح أكثر خطورة بسبب تحالفات البوليساريو مع تنظيمات مثل: القاعدة، بوكو حرام، حركة الشباب في الصومال، أنصار الشريعة في تونس وليبيا، والموقعون بالدم بزعامة الإرهابي مختار بلمختار، المسؤول عن هجوم "عين أمناس" على منشأة غازية جنوب الجزائر في يناير 2013. وكشف المنصوري حينها أن المغرب سلّم معطيات استخباراتية دقيقة للغرب بشأن الهجوم، لكنه عبّر أيضاً عن أسفه لما وصفه بـ"نقص في التعاون" من بعض الدول، رغم حجم التهديدات المحدقة بالمنطقة.
وعلى مستوى إقليمي، شارك المنصوري بأمر من الملك محمد السادس في قمة استثنائية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (CEDEAO) حول الإرهاب، في 14 شتنبر 2019 بواغادوغو.
وعلى صعيد الاعتراف الدولي، جاء التقدير الأخير من رومانيا، حيث منحت رئيس الجمهورية "وسام نجمة رومانيا" برتبة ضابط كبير لمحمد ياسين المنصوري، في 11 دجنبر 2023، عرفاناً بجهود جهازه في تحرير الضابط الروماني "يوليان غيرگوت"، الذي اختُطف سنة 2015 من قبل تنظيم "المرابطون" شمال بوركينا فاسو.
هذا التقدير الروماني سبقه إشادة رسمية من رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية الرومانية، في غشت 2023، حيث أكدا أن "التدخل الحاسم للمخابرات المغربية كان عاملاً مركزياً في إنجاح عملية التحرير".
عبد اللطيف حموشي... رجل الظل الذي صار الواجهة الأمنية للمملكة
في مقر المديرية العامة للأمن الوطني وسط العاصمة الرباط، وتحديدًا في الطابق الأول من المبنى العتيق الذي يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، يوجد مكتب عبد اللطيف حموشي، مدير الأمن الوطني ومدير مديرية مراقبة التراب الوطني، الذي يجمع بين أهم جهازين أمنيين في المملكة. "يقضي فيه نصف يومه عادةً، ثم يتوجه إلى مكتبه الآخر في مقر المخابرات الداخلية بتمارة"، يقول الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني، بوبكر سبيك.
ثقة ملكية مطلقة
لم يكن من السهل أن يجمع شخص واحد بين قيادة جهاز الشرطة ومديرية مراقبة التراب الوطني، لكن حموشي فعلها بثقة كاملة من الملك محمد السادس. "هذا النموذج أثبت فعاليته، وأصبح مثار إعجاب في دول كثيرة"، يقول عبد الحق الخيام، الرئيس السابق للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذراع العملياتي للمخابرات الداخلية.
من قرية فقيرة إلى قمة الأمن
وُلد عبد اللطيف حموشي في قرية بني فتح القروية نواحي تازة، وسط بيئة بسيطة، حيث ترعرع يتيم الأب في كنف والدته. نشأته المتواضعة شكلت شخصية متشبعة بقيم العمل والجد، وهو ما يفسر نجاحه اللافت في مسيرته المهنية. "لا يؤمن إلا بأن العمل الجاد يثمر النتائج"، يؤكد أحد المقربين منه.
قدرات خارقة وتفانٍ غير مسبوق
حين عُين على رأس الأمن الوطني سنة 2015، شكك البعض في قدرته على تحمل هذا العبء المزدوج. "الحِمل ثقيل، قد ينهار تحت الضغط"، قال أحد المسؤولين حينها. لكن حموشي أثبت العكس، إذ يمتلك قدرة استثنائية على العمل. "لم يأخذ عطلة منذ عشرين سنة، باستثناء أيام معدودة لقضاء عمرة مع أسرته"، حسب أحد مقربيه.
يقول محمد دخيسي، مدير الشرطة القضائية: "في أربع سنوات فقط، حقق ما لم يتحقق منذ عقود داخل الأمن الوطني"، مشيرًا إلى إصلاحات جذرية نُفذت بتواضع وحكمة وصمت.
إصلاحات داخلية شاملة
تمت إعادة هيكلة جهاز الشرطة بالكامل: إنشاء وحدات جديدة، تحديث الأسطول، إصلاح مراكز استقبال المكالمات، تحسين شروط التوظيف، وإطلاق نظام جديد للترقيات. "حتى مباريات التوظيف خضعت لمعايير جديدة تضمن الشفافية وتكافؤ الفرص"، حسب داوود أيت جا، مسؤول بمديرية الموارد البشرية.
رجل استخبارات من الطراز الرفيع
بدأ حموشي مسيرته في جهاز المخابرات سنة 1991، بعد دراسته في فاس، حيث تخصص في متابعة الحركات الإسلامية المتطرفة. بفضل تقاريره وتحليلاته الدقيقة، تميز في وقت مبكر، ما جعله أحد المقربين من الجنرال حميدو لعنيگري، الذي استدعاه ليكون أحد عناصره البارزين سنة 1999.
حموشي "موسوعة أمنية"، قادر على تذكر أسماء وتفاصيل أي خلية إرهابية. لهذا السبب حاولت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) استقطابه وعرضت عليه الجنسية الأمريكية، لكنه رفض قائلاً: "ولدت مغربياً، وسأموت مغربياً".
مدير بأخلاقيات نبيلة
منذ تعيينه مديرًا عامًا للمخابرات الداخلية سنة 2005، وحموشي يشتغل في صمت وانضباط قلّ نظيره. مكتبه بسيط ومرتب. لا يحضر المناسبات mondaines، ولا يرتاد المطاعم، قليل الظهور الإعلامي، متفرغ بالكامل لخدمة الدولة.
تطبيع صورة الاستخبارات
بقيادة حموشي، تغيرت صورة المخابرات الداخلية المغربية. انتهى زمن "الاختطافات والسجون السرية"، وحل محله جهاز حديث يحظى بالاحترام والتقدير الدولي. وحدات التدخل الخاصة أصبحت محط إعجاب، والبرلمان المغربي دخل لأول مرة إلى مقر DGST بتمارة سنة 2011.
أزمة دبلوماسية مع فرنسا... ثم اعتراف بالجميل
في سنة 2014، حاول القضاء الفرنسي استدعاء حموشي، بتهم "تعذيب"، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية حادة بين الرباط وباريس. لكنها لم تدم طويلاً، فبعد هجمات باريس في نونبر 2015، تلقى حموشي إشادة علنية من السلطات الفرنسية. "لقد أنقذت فرنسا"، قال له حينها مدير المخابرات الداخلية الفرنسية.
وفي سنة 2016، منحته فرنسا وسام "جوقة الشرف"، في اعتراف صريح بدور جهازه في محاربة الإرهاب.
شهادات دولية... من سريلانكا إلى الولايات المتحدة
في أعقاب هجمات أبريل 2019 في سريلانكا، كان المغرب أول من زوّد السلطات هناك بمعلومات حساسة عن منفذي الهجوم. وشهدت بذلك وكالة الأنباء الهندية. كما كُرّم حموشي مؤخرًا في احتفالية نظمتها وزارة الخارجية الأمريكية بمناسبة الذكرى 231 لتأسيسها، ونُشرت صورته على حسابها الرسمي.