السعودية: ثمار الثورة!

بقلم: المختار لغزيوي الخميس 15 مايو 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

ما قامت وتقوم به المملكة العربية السعودية منذ سنوات أمر جميل جدا، وشجاع جدا، وتاريخي جدا، وهو الذي يستحق أن يحمل مسمى الثورة عن حق، وليس ما حدث في دول عربية أخرى بفعل فاعل، أو فاعلين، وخلف، عوض تحرر الشعوب وتقدمها، كثيرا من الجروح التي لم تندمل حتى الآن. 

قامت المملكة العربية السعودية بثورتها الهادئة، والمفكر فيها بعناية، بعد أن فهمت أن زمن التغير الجدي قد أتى، وأن المستقبل وقطاره لن يستقلهما إلا من لديه القدرة منذ البدء على النظر أبعد من الآخرين. 

في زمن آخر، كانت مقدرات المملكة العربية السعودية المالية، وهي مقدرات ضخمة وهائلة تذهب نحو تشجيع مشروع قديم تحت يافطة غير واضحة كثيرا للدين. استفادت من هذا الدعم حركات متطرفة كثيرة، سرعان ما أدارت الظهر للمملكة العربية السعودية في عديد المحطات (من حرب الخليج الأولى حتى بقية ما عرفته المنطقة من تطورات) لأن الشيء الوحيد الذي كان يجمع حقا تلك الحركات المتطرفة بالمملكة، كان هو الاغتراف من مالها وكفى. 

عندما فهم قادة المملكة المقلب جيدا، اقتنعوا أنه من الحرام أن تضيع السعودية رزقها على حركات لا خير يرجى منها أبدا، بل هي أداة شر وتهديد باستمرار، خصوصا حين أدار التطرف الإخواني بوصلة سمه نحو هذا البلد، ونسي كل الخير (من دعم أفغانستان والبوسنة حتى بقية أماكن الدعم دون ذكرها لا هي ولا الحركات التي استفادت)، فكان ما كان من إيمان تام بأن وقت التغيير قد أزف. 

قاد الثورة الأمير الشاب محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة، ويجب أن نعترف أنها ثورة حقيقية، وأن الانخراط فيها كان يتطلب شجاعة كبرى، لأن جيوب مقاومتها داخليا وخارجيا كانت كثيرة، وشرسة، وغير قادرة على استيعاب أن هذا التغيير الثوري في السعودية بالتحديد قد يتم. 

أول أمس، خلال الزيارة التاريخية لترامب إلى المملكة، كان كل من آمنوا بأن هذا التغيير سيكون في صالح السعودية والسعوديين، فرحين ومبتهجين، لأن ما وقع، وبغض النظر عن الزيارة في حد ذاتها، أكد مكانة المملكة في العالم كله، وأثبت أن رؤية 2030 ليست مجرد حلم راود أميرا شابا جريئا وجسورا هناك، بل هي مخطط استراتيجي فعلي، لديه منطلقات وأهداف، ويرتكز على مشروع حقيقي غير وبدل بشكل جوهري فكر وثقافة واقتصاد وتصور البلد نحو المستقبل بشكل يستحق الإعجاب والتنويه فعلا. 

من الكرة حتى الفن، ومن الاقتصاد والمال وهما عصب الحرب، حتى المجتمع وإزالة العوائق القديمة التي كانت تكبله باسم الدين، والدين منها براء، إلى بقية المجالات، قادت السعودية ثورتها بشجاعة المصر على التحرر من قيود الماضي القاتلة، مع الحفاظ على أجمل ما في هذا الماضي، لكن مع الاقتناع بأن أوان الدخول إلى المستقبل قد حان. 

في السعودية اليوم درس يستمر منذ سنوات، وقطف ثمار لعمل ناجح ومتميز، لكن أساسا شجاع، فهم في اللحظة المناسبة أنه لا بد من الحسم والاختيار، وكذلك كان. 

هنيئا للأهل والأشقاء، هناك في المملكة العربية السعودية هذا التألق المستحق بسواعدهم وفكرهم، وهم يعرفون أن أهلهم في المملكة المغربية يفرحون لأفراحهم، ويعتبرون انتصار ذلك البلد العزيز على كل مستوى، ودخوله إلى المستقبل من البوابة الكبرى هو انتصار للناس هنا أيضا، فالرهان على المستقبل جامع كل الأذكياء الحالمين بالأفضل فقط لدولهم وبلدانهم وشعوبهم.