ولد باب الله !

بقلم: المختار الغزيوي الجمعة 10 يناير 2025
Screenshot_20250110_110452_Facebook
Screenshot_20250110_110452_Facebook


حدث منافسات "الكينغسليغ" هو، طبعا بالإضافة إلى الانتصارات المثيرة والجميلة للاعبين الذين يمثلون المغرب في هاته المنافسات، إلياس المالكي.

هذا الشاب تحول فعلا إلى ظاهرة حقيقية يلزم فهمها، واستيعاب الإقبال الذي يلاقيه محتواها لدى الجمهور، وخصوصا لدى الفئات الشابة.

دعونا نذكر من يتابع مانكتبه هنا أن اللايف الأول للمالكي بعد مغادرته السجن، كان ليلة رأس السنة، وقد استطاع أن يهزم في البث المباشرة في نسبة المشاهدة سهرتي الاحتفال بالعام الجديد على الأولى والثانية.

ستقولون "عادي أن تنهزم السهرتان لأنهما كررا مايقدمانه كل سنة"، لكننا سنقول "وعادي أن يهزمهما محتوى ولايف المالكي لأنه لايتوقف عن الإتيان بالجديد".

هل محتواه مفيد أم تافه؟هذا السؤال، رغم أهميته، أصبح متجاوزا بالفعل، والسؤال الأهم اليوم هو : لماذا؟

تجولوا في الأنترنيت المغربي اليوم مثلما ترغبون، وستجدون من كل "مصيبة" طرفا: الذي يبيع الأوهام، والذي ينتقم من الأيام، والذي يكمل "برطمته" الثانية بكاذب الشعارات، والذي يبني المقهى الشهيرة (فالشوكة) بمال الأدسنس، والذي يقدم عن وهبي ثلاثة فيديوهات في اليوم الواحد، صباحا وزوالا وفي المساء، والتي تتعرى حتى صار العري يخجل من رؤيتها، والكاذبون، والدخلاء والنصابون، ومحترفو التسول وكل الفئات، وكل هؤلاء لايستطيعون منافسة إلياس المالكي في "لايفاته".

لذلك لامفر من طرح السؤال: لماذا؟ ما الذي أعجب هذا العدد العديد من المغاربة حتى صاروا يولون الوجه صوب سطح الحديدة الذي أصبح شهيرا لاكتشاف آخر صرعات الرجل وإبداعاته الغريبة؟

سنغامر بجواب نعتقده بداية طيبة لرد عاقل، وسنقول "إنها التلقائية".

عكس كذبة الأنترنيت من المتكلمة الجدد في المنصات، إلياس لايعد ماسيقوله سلفا. يطلق اللايف، ويقول "بسم الله"، وبعدها يكتشف بمعية جمهوره أين ستقف "ضربة السقف" به.

هذه التلقائية افتقدناها في برامجنا التقليدية التي أصبحت كلها مسجلة، أو مثل المسجلة، افتقدناها طبعا في أحاديث نصابي الأنترنيت الجدد، الذين يعدون كل شيء، من كنبة الجلوس، حتى شكل الدمعة المصطنعة عندما يريدون ذرفها، مرورا بحركة الأعين والفم وبقية الجسد، ونبرة الكلام وطريقة الصمت، وبقية الأكسسوارات.

عكسهم جميعا، يأتي هذا الشاب عاريا لكي يلتقي بجمهور وجد فيه ضالته لأنه قريب إليه، ويتحدث لغته، وحتى عندما يفقد أعصابه وتند عنه كلمة نابية أو تصرف غير لائق، يكون مشابها تماما لنا حين تصرفنا بشكل عادي، أي حين ننطق بكلام ناب أو نتصرف بشكل غير لائق في حياتنا اليومية.

لنقل إن إلياس تفوق على الجميع لأنه لايمثل.

ترك لنفسه مساحات كبرى من الصدق حتى وهو يمر أمام آلاف من الغرباء يشاهدون لايفاته مندهشين.

يتحدث مثلما يعيش، ويقول لمن يرغب سماع كلامه "أنا راه غير هبيل"، لذلك أحب الناس فيه صدقه في زمن كثر فيه الكاذبون.

هي رغبة الناس فقط في الهروب من محترفي الكذب، والمتميزين فيه نحو صادق وجدوه، ويعتقدون أنه صادق فعلا، لذلك أحبوه.

فقط لاغير، ويجب حقا أن نفكر فيها جيدا نحن قوم التعالم بالكلمات والألفاظ والمظاهر، الذين انفض عنا الناس بعد أن اقتنعوا، أو أقنعتهم جهة ما، أو تكفلت الأيام بإقناعهم، أننا جميعا…كاذبون.