خطوة تستحق التنويه

بقلم: حكيم بلمداحي الخميس 12 ديسمبر 2024

قررت المملكة المغربية التصويت إيجابيا، نهاية هذا الأسبوع، على قرار الأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام.

القرار، الذي أفصح عنه وزير العدل عبد اللطيف وهبي في البرلمان، يعتبر خطوة كبيرة في اتجاه إلغاء هذه العقوبة اللاإنسانية.

الخطوة المغربية هذه يمكن اعتبارها جريئة ومتقدمة، على الرغم من أنه كان بالإمكان أن تتحقق قبل اليوم بسنوات، لولا معيقات إيديولوجية تشبثت بها الحكومة، التي كان يترأسها حزب العدالة والتنمية.

نحن إذن أمام مؤشر نحو إلغاء عقوبة الإعدام، كمطلب تلتقي حوله الجمعيات الحقوقية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والائتلاف الذي تم إنشاؤه لهذا الغرض.

لقد عملت حكومة العدالة والتنمية، إبان ولايتها التي دامت حوالي عشر سنوات، على إغلاق هذا الموضوع ورفضت إلغاء عقوبة الإعدام بشكل صريح. ولم ينفك مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات في حكومة ابن كيران ووزير حقوق الإنسان في حكومة العثماني، عن قولها صراحة: إلا إلغاء عقوقبة الإعدام.

لقد كانت كل شروط التحاق المملكة بركب البلدان الواحد والثمانين، التي ألغت عقوبة الإعدام، متوفرة لولا الحسابات السياسية والإيديولوجية. هذه الحسابات التي عارضت التوجه المغربي وعارضت الدستور الذي ينص في الفصل 20 على أن «الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان ويحمي القانون هذا الحق».

تحريك الملف والالتحاق بالدول، التي انضمت إلى القرار الأممي بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في انتظار التشريع النهائي بإلغاء العقوبة، يعتبر تصحيحا لمسار حقوقي مغربي خصه الدستور بأهمية أسمى وهو يحقق مجمل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال حقوق الإنسان.

لقد كان من المفترض أن يطوي المغرب ملف عقوبة الإعدام منذ عقد من الزمن. ففي سنة 2014، وجه جلالة الملك رسالة للمنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان المنظم بمراكش، حث فيها جلالة الملك على النقاش الذي «سيمكن من إنضاج وتعميق النظر في الإشكالية».

الخطاب الملكي لمنتدى مراكش فهمه المجتمع الحقوقي والقانوني على أن النقاش المجتمعي هو الذي سيحل الإشكالية، وبالتالي فموضوع عقوبة الإعدام مجتمعي وليس ديني.

كان بالإمكان أن ينطلق نقاش عمومي حول الموضوع ليصل المغاربة إلى نتيجة تكون أساسا للتشريع. غير أن لا شيء وقع واستمر المغرب في الامتناع عن التصويت في الجمعية العامة كل مرة يطرح فيها الموضوع، واستمر في الامتناع عن التوقيع على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع العلم أن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ 1993 غير المحاكم استمرت في الحكم بالعقوبة.

وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار النقاش المجتمعي المطلوب سبق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن أنجز دراسة سنة 2016 بينت أن نصف المغاربة مع إلغاء عقوبة الإعدام، وهذا مؤشر على وجود رغبة في فتح نقاش مجتمعي معمق.

الحكومة الحالية، وهي تستجيب لمطلب وقف خرق إنساني، لا فائدة منه سوى الإبقاء على مظهر من الهمجية والانتقام واللاتحضر، تستحق كل الشكر والتنويه.