في خضم التغيرات السريعة التي يشهدها العالم الحديث، أصبحت المرأة المغربية محور نقاشات حيوية تتراوح بين ضرورة التمسك بالهوية الثقافية والتطلع نحو أفق أكثر تحرراً ومساواة. العرض الذي قدمه الأستاذ جمال فزة خلال ندوة منظمة النساء الاتحاديات مساء اليوم الأربعاء في الدار البيضاء، سلط الضوء على هذا التحول العميق، مؤطراً النقاش في سياق علمي دقيق ومتماسك.
التحديات الثقافية والاجتماعية
أبرز الأستاذ فزة كيف أن التحولات التي تعيشها المرأة المغربية ليست مجرد نتاج لعوامل آنية، بل هي صراع مع إرث ثقافي واجتماعي ظل يراوح مكانه ولم يتجدد بالسرعة الكافية. ورغم تحقيق المرأة المغربية خطوات مهمة نحو التمكين، إلا أن القيم التقليدية ما تزال تلقي بظلالها على الحاضر، وتخلق توازناً هشاً بين ما كان وما يجب أن يكون.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
من هنا تنطلق معضلة المرأة المغربية: كيف يمكنها أن تحقق التغيير الجوهري دون أن تفقد هويتها أو تصطدم بحدود القيم الاجتماعية السائدة؟
نقاش عام أم علمي؟
النقاش حول المرأة، وفقاً لفزة، يعاني من مشكلة جوهرية، وهي غياب التأطير العلمي. يتم طرح قضايا مثل الحريات الفردية والمساواة بين الجنسين في فضاءات عامة كوسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تظل، في معظم الأحيان، بعيدة عن المعطيات الواقعية والتحليل الموضوعي. وهو ما يخلق، بحسب فزة، فجوة كبيرة بين الطموح والتطبيق العملي، حيث تتنازع الأصوات بين تيارات محافظة وأخرى حداثية دون أن تصل إلى توافق حقيقي.
إعادة تعريف الأدوار الاجتماعية
واحدة من النقاط المحورية في عرض فزة كانت الحاجة إلى إعادة تعريف الأدوار الاجتماعية للجنسين. لم يعد النقاش يقتصر على الحقوق والواجبات، بل أصبح يركز على تفكيك التصورات التقليدية حول الذكورة والأنوثة. يرى الأستاذ أن المرأة يجب أن تكون فاعلاً أساسياً في صياغة مجتمع جديد يتجاوز النمطية، ويعترف بقدرتها على إحداث تغيير حقيقي في مختلف المجالات.
خطاب جديد لمرحلة جديدة
ما شدد عليه الأستاذ فزة هو أن التغيرات الحالية تتطلب لغة وخطاباً جديدين. المجتمع المغربي يشهد تحولاً عميقاً، حيث لم تعد التقسيمات الأيديولوجية بين التقليد والحداثة قادرة على استيعاب الحركية الاجتماعية. التحدي الأكبر هنا هو تقديم خطاب يجمع بين العمق العلمي وقابلية الفهم للجميع، خطاب يمهد الطريق لفهم أعمق للأدوار الجديدة التي يجب أن تلعبها المرأة.