قنصلية أمريكية في الداخلة.. بداية العد العسكي

عودة ترامب تسرع تنفيذ مخرجات الاتفاق المغربي/ الأمريكي في 2020
عبد المجيد حشادي الأحد 24 نوفمبر 2024
Capture d’écran 2024-11-21 à 09.13.19
Capture d’écran 2024-11-21 à 09.13.19

بدأ العد العكسي لتفعيل الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء على الأرض، عبر تنفيذ كل بنود هذا الاعتراف، وبالخصوص افتتاح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة، وفق ما سبق الاتفاق عليه في الفترة الأولى من حكم الرئيس الأمريكي ترامب، لتكون عهدته الثانية مناسبة جديدة للانتقال للمرحلة الأخرى من هذا الاعتراف المهم.

وما بين نهاية حكم ترامب الأولى وبداية مرحلة حكمه الثانية، عرفت قضية الصحراء المغربية متغيرات كثيرة، وأصبح هناك شبه إجماع حول تبني مقترح الحكم الذاتي، بينما توارت الأفكار البائدة التي تدفع بها الجزائر وراء ظهر العالم، وأصبح طي ملف الصحراء المغربية مسألة وقت، يتوقع أن تكون مرحلة حكم ترامب الثانية عهد إقبار طغمة قيادة الانفصال في مزبلة التاريخ.

وقبيل شروع ترامب وفريقه المعين في مرحلة مسك دواليب الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت إرهاصات التحول لتنفيذ مخرجات الاتفاق المغربي/ الأمريكي في 2020، عبر الاستعداد لافتتاح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة، حيث كشفت جريدة «فوزبوبولي» الإسبانية عن هذا المسعى، وقالت إن الولايات المتحدة الأمريكية ستفتتح في الربع الأول من عام 2025 تمثيلية ديبلوماسية لها بمدينة الداخلة المغربية.

وكان هذا القرار قد تم الإعلان عنه يوم 10 دجنبر 2020، عقب اتصال هاتفي بين جلالة الملك والرئيس الأمريكي ترامب، حيث أعلن رئيس الديبلوماسية الأمريكية مايك بومبيو ساعتها، في بلاغ له، أنه «طبقا لإعلان الرئيس ترامب بشأن الاعتراف بسيادة المملكة المغربية على الصحراء، فإن كتابة الدولة تعلن أنها شرعت في عملية إحداث قنصلية أمريكية في المنطقة».
وأوضح بومبيو أن «واشنطن قررت إحداث مكتب ذي حضور افتراضي بأثر فوري، وأن هذا المكتب، الذي ستتمحور مهامه حول النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ستعقبه قريبا قنصلية تقوم بكامل مهامها، ليتبع ذلك توجه السفير الأمريكي السابق، دافيد فيشر، في 10 يناير 2021، إلى الداخلة لإعطاء الانطلاقة للعملية الرسمية لافتتاح قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية».

هذه الوعود، التي من المقرر أن تتم أجرأتها مباشرة بعد دخول دونالد ترامب وفريقه الحكومي البيت الأبيض، سيستبقها حدث بارز، يتمثل في استعداد وفد اقتصادي أمريكي ضخم لزيارة المغرب، الشهر القادم، تستهدف أسواق دول غرب إفريقيا، وبالتأكيد لم يمر ذلك سوى عبر بوابة الصحراء المغربية، وتفعيل مبادرة الأطلسي التي أطلقها جلالة الملك.

وحسب وزارة الفلاحة الأمريكية، فإن ممثلي حوالي 50 شركة فلاحية أمريكية ومنظمات تجارية و14 إدارة فلاحية يمثلون عددا من الولايات في أمريكا، سيقومون بزيارة لمدينة الدار البيضاء، خلال الفترة من 2 إلى 5 دجنبر المقبل، في إطار بعثة تجارية تنظمها وزارة الفلاحة للولايات المتحدة، يقودها مدير خدمة الفلاحة الخارجية بالوزارة، وتهدف إلى توسيع صادرات المنتجات الزراعية والغذائية الأمريكية إلى المغرب وأسواق غرب إفريقيا.

ويعد المغرب ثاني أكبر سوق لصادرات الفلاحة الأمريكية في القارة الإفريقية، حيث بلغت قيمة مبيعات المنتجات الزراعية والغذائية الأمريكية إلى المملكة حوالي 619 مليون دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 16% من حصة السوق في القارة، حيث يراهن الأمريكيون على موقع المغرب وبوابة الصحراء، من أجل اقتحام أسواق غرب إفريقيا، لذلك سيضم الوفد الأمريكي شخصيات بارزة مثل مايك بيم، وزير الفلاحة في ولاية كانساس، ودوج جوهرينج، مفوض الفلاحة في ولاية داكوتا الشمالية، وماثيو لوهر، وزير الزراعة والغابات في ولاية فرجينيا، وراندي رومانسكي، وزير الفلاحة والتجارة وحماية المستهلك في ولاية ويسكونسن، إلى جانب مسؤولين من إدارات الفلاحة في ولايات كولورادو، وأيداهو، وإنديانا، ومينيسوتا، وميسوري، ومونتانا، ونبراسكا، ونيو مكسيكو، وتينيسي، وواشنطن.

وبالرغم من كون فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته بايدن لأمريكا لم تعرف تفعيلا على الأرض لمخرجات الإعلان الصادر في عهد دونالد ترامب، إلا أن ملف الصحراء المغربية عرف العديد من المتغيرات، في ظل حكم الحزب الديموقراطي، من ضمنها الزخم الكبير الذي عرفه الملف في العالم، وبقيت واشنطن على عهدها في دعم مخطط الحكم الذاتي، حيث كانت الخارجية الأمريكية قد جددت، في أكتوبر الماضي، التأكيد على دعم واشنطن مقترح الحكم الذاتي في الصحراء، تحت السيادة المغربية.

ونشرت الخارجية الأمريكية على بوابتها الرسمية تصريح المتحدث باسمها، عقب مباحثات ثنائية جمعت أنتوني بلينكن وناصر بوريطة بواشنطن، حضرها عدد من كبار المسؤولين والدبلوماسيين من البلدين. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بلاغ صدر عقب مباحثات جرت بواشنطن بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن «الولايات المتحدة ما زالت تعتبر مخطط الحكم الذاتي المغربي جادا وموثوقا وواقعيا».

وما يعزز هذا التوجه المتوقع من الإدارة الأمريكية القادمة هو الزخم، الذي تعرفه قضية الصحراء المغربية، والاهتمام الكبير، الذي تلقاه من قبل القوى العالمية، حيث أصبحت في الأيام الأخيرة، قبلة لكبار العالم، إذ تسارعت عدد من القوى العالمية، لتثبيت وجودها ودعم مغربية الصحراء، في سياق تحول كبير، يسير في اتجاه تسريع إنهاء هذا الملف المصطنع، وفق ما سطره الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، ووضعه النقاط على الحروف.

واعتبر عدد من المتتبعين أن عودة الرئيس السابق دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت عنصرا محفزا للإسراع بإغلاق ملف الصحراء المغربية، حيث بات الجميع مدركا أن فرصة ركوب قطار الاعتراف بمغربية الصحراء لن تطول أكثر من فترة الشهرين المتبقيين، قبل تسلم ترامب مقاليد الحكم بداية السنة القادمة، حيث بدأت العديد من القوى تسرع الخطى لتفعيل عدد من الإجراءات على الأرض بغرض تجاوز مرحلة البطء السابقة، والانتقال نحو مرحلة التطبيع الكامل مع مغربية الصحراء.