ماكرون في المغرب.. زيارة تؤسس للمستقبل

بقلم: حكيم بلمداحي الاثنين 28 أكتوبر 2024

يحل اليوم بالرباط، رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، في زيارة رسمية للمملكة المغربية بدعوة من جلالة الملك محمد السادس.

زيارة السيد إيمانويل ماكرون للمغرب، تحمل دلالات على مستوى العلاقات المغربية الفرنسية، وتعبر عن تجاوز مرحلة الفتور التي عرفتها هذه العلاقات طيلة الولاية الأولى للسيد ماكرون، وخلال جزء من ولايته الثانية.

وحسب ما يرشح من معلومات، فإن هذه الزيارة ستعرف تعبيرا تأكيديا وصريحا من فرنسا بمغربية الصحراء، وهذا الجزء هو الذي كان يعيق عودة العلاقات بين البلدين لصفائها.

معلوم أن فرنسا كانت في صف المغرب، ومن البلدان الأولى التي رحبت بمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. كما كانت فرنسا داعمة للمغرب على مستوى مجلس الأمن. غير أن المملكة المغربية، مع التطورات التي شهدها ملف الصحراء، كانت تطمح في أن تطور فرنسا موقفها وتدعم المغرب في وحدته الترابية، خصوصا وأن فرنسا تعرف جيدا خبايا الملف، ومطلعة على ظروف خلق النزاع المفتعل ، وتعرف من الذي كان خلف افتعال النزاع في الأصل. وبصفة عامة،فرنسا تعرف عدالة القضية المغربية وحق المغرب المشروع في وحدته الترابية.

فرنسا أيضا تمتلك من المعطيات الشيء الكثير بخصوص وحدة المغرب الترابية وحدود المملكة الطبيعية، قبل أن يتم خلق حدود بأهداف استعمارية، أشرفت فرنسا نفسها على رسمها. وفي الأرشيف الفرنسي ما يكفي من الوثائق التي تبين حقائق كثيرة في الموضوع، وفي غيره من القضايا التي سيأتي وقت إثارتها.

اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، يعطي لزيارة السيد ماكرون ميزات خاصة. وما سيحمله الرئيس الفرنسي للرباط سيكون محددا أساسيا، ليس فقط للعلاقات المغربية الفرنسية، لكن أيضا سيكون له الأثر الكبير على النزاع المفتعل حول أقاليم المغرب الجنوبية.

 وحسب ما تم تداوله من أخبار، فإن الرئيس الفرنسي سينفذ ما سبق لفرنسا أن وعدت به من استثمارات في الأقاليم الجنوبية المغربية، وما يرافق ذلك على مستوى تمثيلية ديبلوماسية في هذه الأقاليم. هذا الأمر سوف يدعم المصالح الاقتصادية والثقافية لكل من فرنسا والمغرب.

من دون شك أن النخب السياسية في فرنسا وفي المغرب، وكذا الشعبين، سيرحبان بعلاقات من مستوى متميز بين المغرب وفرنسا. علاقات يحكمها منطق العصر بما يحمله من شراكة ومعادلة رابح رابح، وتجاوز منطق النظرة الاستعمارية التي كانت سائدة من قبل.

فرنسا لها مصالح اقتصادية وثقافية في المغرب، والمغرب كذلك له مصالحه. ومن هذه القاعدة ينطلق الطموح نحو علاقات مربحة تخدم المغرب وفرنسا، وتؤسس لنموذج العلاقة بين الشمال والجنوب، ونموذجا للعلاقات الدولية.

تأسيس علاقات يقتسم فيها الطرفان الأرباح وتحقيق المصالح، سيؤسس لتطور اقتصادي وثقافي مثمر يستشرف المستقبل، خصوصا في ظل خريطة يتم رسمها، ستشكل نظاما عالميا جديدا، ولادته عسيرة ودموية كما نشهدها الآن. وينتظر أن تدعم مسيرة المغرب وفرنسا، الجديدة، دعما للتطور الاقتصادي وللاستقرار، وأساسا لمواجهة التحديات القائمة، سواء على المستوى الأمني أو المستوى الاقتصادي، والملفات كثيرة ومتشعبة وتتطلب رؤية جديدة مبنية على شراكة حقيقية.

من المنتظر إذن أن تكون زيارة السيد إيمانويل ماكرون تاريخية بمعنى الكلمة، وتلامس طموحات الشعبين المغربي والفرنسي، وتحقق المطلوب بشفافية وصراحة ومنطق جديد في العلاقة بين البلدين.