رعب حقيقي تعيشه آلاف الموظفات منذ الإعلان الافتراضي عن" الحركة المناهضة للزواج بالموظفات"، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن تصادف مظاهرة نسائية مليونية تنشد وساطات تثني الرافضين عن قرارهم ، وإذا لم تسارع الجهات المعنية في التدخل لمعالجة هذا الملف الحارق، قد تكون التداعيات خطيرة وخارجة عن السيطرة في القادم من الأيام.ومن ينزل للميدان، يكتشف كم التجاوب الكبير الذي تحظى به هذه الحركة "الافتراضية" في الحياة الواقعية، حيث قررت مئات الموظفات التخلي عن عملهن في الإدارات العمومية ما تسبب في تعطيل مصالح المواطنين، كما اختارت الموثقات بعد سنوات من النضال من أجل اقتحام هذا المجال، الانزواء خلف جدران منازل أولياء أمورهن، بانتظار توثيقهن لليوم الذي يطرق فيه الزوج المنتظر بابهن، في حين قررت المشتغلات بعالم المال والأعمال والتجارة، استبدال الوظيفة بالعمل منزليا بما يتناسب وفطرتهن الأنثوية في تجهيز طلبيات الفطائر.بينما نزعت كل الطبيبات والممرضات على اختلاف تخصصاتهن، وزراتهن البيضاء، وغادرن العيادات والمستشفيات خوفا من العار الذي سيلحق بهن بسبب مسارهن الدراسي والتكويني الحافل ، مفضلات بياض فستان ليلة العمر. أما طالبات كليات الطب والصيدلة، فقد كن أكثر ذكاء عندما استوعبن الدرس باكرا، فقررن مقاطعة الامتحانات بعد أن أقحمن أمنيتهن المتمثلة في تقديم الوزارة الوصية لكل الضمانات الممكنة حول توفير زوج مستقبلي يرضى الارتباط بطبيبة ضمن الملف المطلبي لأطباء المستقبل، وهو ما أطال أمد حل هذا الملف الشائك الذي امتد لأشهر .. وإذا لم يستوعب وزير الصحة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار جوهر المشكل، فإن الملف سيبقى معلقا لحين تزويج آخر موظفة بالقطاع الصحي.ولأن باب التوبة مفتوح لتكفر كل موظفة عن خطيئة عملها في الماضي، وتستبدل صفة دكتورة، مهندسة،قاضية، أستاذة، عاملة، عالمة ... بصفة بنت الناس، فما عليها إلا أن تعفي الفارس القادم على قدميه بعد استحالة حصوله على فرس، من كل الالتزامات المادية والمعنوية وعليها أن تضرب بمعيار التكافؤ عرض الحائط، فليس مطلوبا من الزوج أن يكون وسيما، ولا مقتدرا، ولا واعيا، ولا مراعيا ... إذ يكفي أن يكون ذكرا غارقا في كل تناقضاته وهلوساته التي سيجازي الله الزوجة على محنة تقبلها بالجنة.وعلى كل من تحاول البحث عن مبرر للتوظيف، أن تتحمل تبعات تهمة الانتماء لدائرة النسوية الملعونة، أو تراجع قناعاتها من خلال مشاهدة بضع فيديوهات لعازبات غربيات بائسات ثملات أو في حالة انهيار متقدمة ندما على اختيار الوظيفة، مع توصية بغض البصر عن ملايين قصص النجاح عبر العالم، لنساء تمكن بشكل متفاوت في بناء حياة تضمن كرامتهن وكرامة أسرهن عبر الوظيفة/ العمل، منذ اكتشفن أن العالم يصبح أكثر يسرا عند امتلاك أوراق رابحة، والوظيفة للمرأة واحدة من أقوى الأوراق الرابحة، على اختلاف مردوديتها.إن مجرد فتح قوس للحديث عن عمل المرأة .. نكتة لا يصلح الرد عليها إلا بالكثير من التهكم والسخرية، مع التنبيه أن قرار ترك الوظيفة حرية شخصية لمن توفرت لها شروط الاختيار الواعي، كما أن وضوح الرجل في وضع المواصفات التي يراها مناسبة لشريكة حياته، بغض النظر عن مدى صحتها أو اختلالها، يستحق الاحترام شرط عدم التوهم أنه حالة السواء التي يجب أن تكون عليها الأمور، أو النموذج الذي يجب أن يحتذى به .. وللتذكير، بعض الآراء والمواقف تحجب خلف محاولات الوصاية، كشفا معيبا لعقد نفسية ، وتصريفا في غير محله لضغوط وإكراهات معيشية و اجتماعية .. حتما المرأة الموظفة ليست مصدرها.