رغم وفرة العرض.. هذه أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي

أحمد بلحميدي الخميس 23 مايو 2024
أغنام
أغنام

يأتي عيد الأضحى هذه السنة على وقع هواجس حقيقية تستبد بالشرائح الواسعة، تحسبا لما جرى العام الماضي، عندما سجلت أسعار الأضاحي مستويات قياسية، تسببت في معاناة حقيقية للمضحين، وهو السيناريو الذي بدت بعض معالمه تظهر منذ الآن،حيث عاين من تعودوا اقتناء الخروف مبكرا سواء من الضيعات أو من الإسطبلات خارج مدار المدن، ارتفاعا يقدر بألف درهم مقارنة بالسنوات الماضية.

 عرض يفوق الطلب

وفق "تقييم دقيق" قامت به الوزارة بتنسيق مع المهنيين، كشف وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، مؤخرا، أن توقعات العرض من الأضاحي ستصل إلى 7.8 ملايين رأس، منها 6.8 رؤوس من الأغنام ومليون رأس من الماعز.هذا العرض كاف إلى حد كبير للاستجابة للتضحية خلال العيد، إذ أن الطلب حسب تقديرات الوزارة في حدود 6 ملايين رأس.

يأتي ذلك في الوقت الذي تمكنت المصالح التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات إلى حدود الآن من ترقيم أزيد من 4.8 ملايين رأس.

لكن إذا كان العرض يفوق الطلب إلى هذا الحد، فلماذا لاحت ملامح الارتفاع قبل قرابة شهر على حلول العيد؟

السبب يعود إلى ارتفاع كلفة العلف بالتزامن مع توالي سنوات الجفاف، يقول رشيد بنعلي رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية في تصريح لموقع "أحداث أنفو".

بالنسبة للمتحدث ذاته، لولا الدعم الذي قدمته الحكومة للفلاحين لانهار كل شيء، وذلك في إشارة إلى توزيع وزارة الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات إلى توزيع 7 ملايين قنطار من الشعير المدعم بسعر 200 درهما للقنطار الواحد.

مصدر مهني آخر أكد نفس الشيء، لكنه ذهب أبعد من ذلك عندما لفت في اتصال مع الموقع إلى أن هناك "عامل نفسي بالأساس" يؤثر بدوره على الأسعار، موضحا: "صحيح أن الكسابة تضرروا كثيرا من ارتفاع أسعار العلف، لكن ليس إلى درجة أن تفوق الزيادات أكثر من 1000 درهما، والسبب يعود إلى صعوبة تخلص الكساب أو الوسيط نفسيا من تجربة السنة الماضية حيث كانت الأسعار قد ارتفعت بدورها إلى مستويات قياسية".

"فتنة" استيراد أغنام ب600 درهما!

وصف رشيد بنعلي رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، ما يروج حول أسعار الأغنام المستوردة بالإشاعات المغرض التي تمت بأي صلة بالواقع.

"الله يهدي هاذ الناس.. راه كيديروا الفتنة"، يقول بنعلي لـ"الأحداث المغربية" ردا على الأخبار التي انتشرت كالنار في الهشيم بمواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، بالتزامن مع قرب عيد الأضحى حول الأرباح التي يجنيها المستوردون الذين يقتنون الأغنام بأسعار قد لا تتعدى "600 درهما" للكبش الواحد، ويبيعونها ب3000 و4000 درهما، رغم أنهم يستفيدون كذلك من دعم بقيمة 500 درهما عن كل كبش، وذلك برسم عملية أطلقتها الحكومة من أجل استيراد 600 ألف من الأغنام من الخارج، لاسيما من إسبانيا ورومانيا.

"هذه مغالطات كبيرة..."، يعلق بنعلي مضيفا: "الأخبار التي تردنا من المستوردين تشير إلى أن ثمن الكيلوغرام الواحد من الأغنام يصل إلى 5.30 أورو، معنى ذلك أن ثمن كبش يزن 50 كليوغرام لن يقل سعره عن 3000 درهما، دون احتساب المصاريف المتعلقة بالنقل والتأمين وغيرها". وطالب المتحدث نفسه من يروجون هذه الأخبار، بنقرة بسيطة على الأنترنيت لاستطلاع أسعار الأغنام.

الأكثر من ذلك، يسترسل بنعلي، حتى المربين الإسبان ما علموا بأن الحكومة المغربية قد أقرت الدعم، حتى رفعوا من الأسعار، و"ها أنتم ترون، كان سعر الكلغ الواحد بـ 4.76 أورو وأصبح حاليا عند 5.30 أورو".

مصاريف المستوردين

وحول سير عملية الاستيراد، أشار بنعلي إلى حدود حوالي أسبوعين من الآن، هناك نحو 270 ألف رأس من الأغنام، مستوردة من إسبانيا ورومانيا، فيما يرتقب أن ترتفع وتيرة الاستيراد حاليا بعد منح الفرصة لحوالي 50 مستوردا مقابل حوالي 14 مستورد في السابق.

وبخصوص المصاريف التي يتحملها المستوردون، ليست هناك إجابة دقيقة لأن الأمر نسبي، لكن الأكيد هناك مصاريف، سيأخذها المستورد بعين الاعتبار، يشير المتحدث ذاته، لافتا إلى أن غالبية المستوردين ليسوا فلاحين بقدر ما هم في نهاية المطاف "صحاب شكارة ".

وحول وضعية الأسعار على بعد أقل من شهر عن قدوم عيد الأضحى، قال بنعلي إنه حسب الأصداء التي توصل بها إلى غاية أول أمس الأحد، فإنها "غالية" ومرتفعة بحوالي 100 درهم، آملا في تراجع الأسعار خلال الأيام المقبلة، لاسيما عندما يضطر بعض الوسطاء إلى إخراج القطعان، ومن ثم ارتفاع العرض من أجل تحقيق بعض التوازن في السوق.

ومن جهتها أشارت مصادر مهنية إلى أنه نظرا لعدة اعتبارات منها، الجفاف وارتفاع أسعار العلف وارتفاع أثمان الأغنام في الأسواق الدولية، ستعرف أسعار الأغنام المستوردة ارتفاعا مقارنة بالسنة الماضية، إذ سيصل هذا العام إلى 65 درهما للكيلوغرام الواحد، تراوحت الأثمان السنة الماضية بين بين 52 و58 درهما للكيلوغرام الواحد،مع العلم أن وزن الأضحية المستوردة هذه السنة من النوع "المارينوس" يتراوح وزنها بين 30 و70 كيلوغرام، أي أن الأسعار ستتراوح بين 1950و 4550 درهم، حسب مهنيين.

خيار استيراد المغرب للأغنام من الأسواق الأوروبية راجع بالأساس إلى القرب الجغرافي من جهة، ثم إلى انخفاض تكلفة الإنتاج، نظرا لكون البلدان الموردة،إسبانيا والبرتغال ورومانيا، تتوفر على مساحات خضراء شاسعة ولا تعتمد على العلف أكثر من الرعي، وهو ما يعني اقتناءها بكلفة معقولة.

للإشارة، يتم إيداع الأضاحي المستوردة في الحجر الصحي مدته ستكون 40 يوما، كإجراء ضروري قبل إخراجها إلى الأسواق المحلية، حيث تخضع جميع الحيوانات الحية المستوردة لرقابة صارمة ومنتظمة على مستوى مراكز التفتيش على الحدود، من خلال فحص حالتها الصحية من خلال التحقق من الشهادات والوثائق الصحية وإجراء الفحوصات اللازمة لتحديد الحالة الصحية للقطيع فيما يتعلق ببعض الأمراض الحيوانية المعدية.