نصيحة لـ«مول الصالون»!

المختار الغزيوي الجمعة 26 أبريل 2024

بداية، هو أمر طيب للغاية أن استمع ابن كيران لنصيحة خلانه في الحزب هذه المرة، واستعان بورقة كتب عليها النقط الأساسية التي يريد الحديث عنها بمناسبة هزيمة حزبه المدوية في الانتخابات الجزئية التي مرت في فاس الجنوبية.

لماذا نقول أمر طيب؟ 

لأن الاستماع لنصائح الغير أمر فيه دائما الخير، حتى قيل على سبيل تثمين هذه الخصلة الفضلى «الدين النصيحة». 

وصديقنا ألف، كل مرة ارتجل فيها بعنف ونزق ودون ورق مهيأ سلفا، كلمات في خطبه المصورة في الصالون، أن يخرج عن السطر، وأن يثير غير قليل من الحساسيات، وكثيرا من المشاكل التي يجلبها لسان المرء له، واللسان هو أخطر عضو في أجسادنا نحن الآدميون الضعفاء، حتى قالت العرب قديما «رأس الحكمة عقل اللسان»، أي الصمت أكثر الوقت الممكن، لأن الصمت من ذهب، كما علمنا مدرسونا، جازاهم الله عنا خير الجزاء. 

ثانيا، من غير المعقول أن يسب صديقنا ابن كيران من صالونه الجميع، كل مرة تلقى فيها حزبه هزيمة جديدة. 

هذا الأمر لا يعقل، «سي عبد الإله». 

وحقيقة يحتار المتتبع المحايد للمشهد الحزبي المغربي ويحار في الرجل وهو يتناقض بين شعارات الدين التي يرددها، بلسانه فقط، والتي تحض على مكارم الأخلاق، وعلى حفظ اللسان مرة أخرى، من شتم الناس وسبهم، وبين استسهاله المرور إلى هذا السب بشكل غير مقبول ممن كان في سنه، وفي مكانته، سابقا أو الآن، وفي بقية الأشياء والأمور المرتبطة به، وهو يعرفها أفضل منا على كل حال، أو هكذا نعتقد. 

مثلا، ما الذي سيستفيده ابن كيران وأتباعه من شتم أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، ووصفه في فيديو التعليق على هزيمة فاس الجنوبية بأنه «خبز ربي فطبقو»، وأنه لا يتقن أي شيء يقوم به، وأنه لا يصلح لشيء؟ 

ما الذي سيربحه ابن كيران وأتباعه من وصفنا، نحن العالقون في مهنة الصحافة المسكينة الآن، بأننا مجرد مرتزقة، تسلطنا على الإعلام في الفيديو ذاته؟ 

وما الذي سيضيفه لابن كيران وعشيرته، أو جماعته، إطلاق وصف «الصعاليك» على خصومه السياسيين الذين يحملون مشاريع حزبية، أو سياسية، أو مجتمعية، غير تلك التي يحملها الممسك بالمصباح المنطفئ؟ 

لا شيء. 

الجواب الأقرب إلى الصحة والعقل والمنطق هو: لا شيء. 

سيكتب الرجل عند العباد وعند رب العباد شتاما. فقط، لا غير. 

ستصبح سمعته بين الناس، أو هي أصبحت «واللي عطا الله عطاه»، هي الجلوس في الصالون، الذي ساهم كل مواطن مغربي، وكل مواطنة مغربية، بما تيسر في تأثيثه، وشتم المختلفين والمخالفين، كل مرة مني فيها «العدالة والتنمية»، بهزيمة جديدة. 

النصيحة، التي يمكن أن يوجهها المتتبع المحايد للرجل، على سبيل (الدين النصيحة) طبعا، هي أن يقوم، وخلانه في الحزب، بنقد ذاتي عقب كل انهزام جديد، وأن يصلحوا ما فسد داخل تنظيمهم وداخل أنفسهم، وأن يبحثوا عن الإيجابيات فيعززوها، وأن ينقبوا عن السلبيات، فيقطعوا معها مستقبلا، وأن يكدوا، ويجتهدوا، وفي الختام سيصلون، أو على الأقل سيكون لهم أجر الاجتهاد، إن لم يستطيعوا الوصول إلى جمع الحسنيين: الاجتهاد والإصابة وأجريهما معا. 

نعرف أن الرجل لن يقبل كلامنا، وقد يشتمنا «حتى حنا» ضمن من يشتم، وهو فعلها مرارا وتكرارا ولم نقل له كل مرة إلا «سلاما»، مثلما أوصانا ديننا الحنيف بذلك، لكنه واجبنا، نحن أهل الحياد من مراقبي الأحزاب وحياتها، أن نقول له ما قد ينفعه مستقبلا، وما قد يجنبه هزائم أخرى آتية في الطريق، إن هو أصر على البقاء أسير سب الآخرين، كل الآخرين، عقب كل ضربة تلقاها، وألح على استثناء نفسه وخلانه من أي نقد ذاتي، صغيرا كان أم كبيرا. 

اللهم قد بلغنا، اللهم فاشهد، و«صافي»... الآن على الأقل.