إعلامنا و«إعدامهم»!

المختار الغزيوي الثلاثاء 23 أبريل 2024

ضبطتني، أول أمس الأحد، معجبا بالإعلام المغربي، بكل جرائده ومواقعه وتلفزيوناته وإذاعاته وصفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي. 

سبب الإعجاب؟ 

التعقل الكبير، والرصانة الحقيقية اللذان ميزا تعامل الصحافة المغربية مع الأزمة المفتعلة من طرف نظام الكابرانات في الجزائر. 

إعلام المغرب لم ينجر للتفاهات، ولم يسقط في فخ سب شعب الجزائر، ولم يشتم دوائر القرار الكروي الإفريقية، ولم يذكر اسم مسؤول جزائري، سياسي أو كروي، واحد بالسوء. 

صحافيونا وصحافياتنا في مختلف وسائطنا الإعلامية، انتصروا بشكل حضاري، ودون سقوط، للحق المغربي، الذي رآه الكل حقا، إلا من في قلبه مرض، ودافعوا بقوة عن نهضة بركان التي لم تعد في تلك المباراة ضد اتحاد العاصمة الجزائري ممثلة لمدينتها أو لأنصارها أو للشرق المغربي فقط، بل أصبحت وبامتياز ممثل المملكة المغربية، وحاملة الخارطة المقدسة التي لا ولم ولن تمس، والتي تعني لكل مغربية ولكل مغربي رمز وحدتنا الترابية غير القابلة لأي تقسيم أو تطاول أو أي شيء من هذا القبيل. 

كنت فخورا حقا وأنا أتنقل بين تلفزيونات بلدي، فأجدها منشغلة بالأهم، تنقل تتويج المغرب بكأس إفريقيا للأمم في كرة القدم للصالات، تناقش افتتاح معرض الفلاحة الدولي بمكناس بضيف جد عزيز هو الجار الإسباني هذه السنة، تطرح مشاكل الناس الحقيقية، وفي ختام نشراتها تتحدث عن صمود نهضة بركان في وجه ألاعيب الكابرانات، وتطوي الصفحة، وتمضي. 

بالمقابل في تلفزيونات الجزائر، كانت الجنازة حامية فعلا، وكان الميت هو العقل المغيب في البلد الجار. 

تنافس أشخاص ينتحلون صفات الصحافيين، ويدعون كذبا أنهم إعلاميون، والصحافة والإعلام منهم براء، رفقة ضيوف مساكين ومثيرين للشفقة، في سباب المغرب وشتمه، والنفخ بشكل بئيس في قرارات العسكر الذي اعتدى على فريق رياضي مدني، واستولى على ملابسه ومعداته وقميصه الأساسي الذي سيلعب به المباراة، وذهب إلى «السويقة»، لكي يشتري له قميصا مضحكا، وأراد أن يفرض عليه ما لم يسبق لنا أن رأيناه في العالمين، في عصر القدماء وعصر المحدثين، لكننا رأيناه في الجزائر ذلك اليوم، وهذا الحمق - على كل حال - من مؤتاه لا يستغرب. 

سألت نفسي وأنا أتابع هذه المواكبة الإعلامية المغربية الرصينة، والعاقلة، مقابل المواكبة الإعلامية الجزائرية النزقة، والعدوانية الحمقاء، والتي تورطت في أفعال وأقوال مضحكة مبكية حقا تلك الأمسية، عن السبب. 

وجدت الجواب أمامي جاهزا، لا يقبل أي نقاش: لأننا أصحاب حق وأصحاب قضية، وشعب بأكمله يدافع عن وحدة تراب وطنه. أما الآخرون، فمجرد أكلة للثوم بفم ميليشيا حقيرة وبئيسة، منحوها سلاحا كثيرا، ومالا أكثر، وسلطوها، مثل أي كلب متوحش شرس ربيته لهذا الغرض، على المغرب لكي تنهش لحمه وتمزق وحدة وطنه. 

فلا الكلب نهش شيئا في نهاية المطاف، ولا مالكه احتفظ بماله لشعبه الذي يستحقه أكثر من الميليشيا الحقيرة إياها.

ذلك هو الجواب، وذلك هو الفرق في نهاية المطاف. 

لذلك، لنحافظ على هدوئنا وحكمتنا، ونحن ندافع بنبوغ مغربي عريق عن بلدنا وكل مصالحه، ولندع النزق والانفعال المضحكين للطارئين والمستجدين، ومن نزلوا بمظلة استعمارية على المكان في وقت جد متأخر، أي منذ ستينيات القرن الماضي فقط.