في السينغال كان العاهل المغربي الملك محمد السادس عنوان رسائل جيوسياسية من القيادة السينغالية الجديدة.

أحداث. أنفو الأربعاء 03 أبريل 2024
No Image

لم يكن حفل تنصبب الرئيسي السينغالي الجديد مجرد لحظة بروتوكولية، في ذلك الحفل المحدود المدعوين، حدد "باسيرو ديوماي فاي" اختيارات بلاده، ووضعها في صلب المشروع التحرري الإفريقي الجديد.

بعيدا عن ثقل وقوة وشائج علاقة ثنائية تاريخية تمتد لعشرة عقود، يظهر أن انفراد الملك محمد السادس بدعوة الحضور من خارج المنطقة الاقتصادية لغرب افريقيا، هو استدعاء للمشروع الإفريقي للعاهل المغربي، ذاك المشروع العملي وذو المصداقية.

كذلك يمكن قراءة حضور الرئيس الموريتاني (رئيس الاتحاد الافريقي) على أنه اختيار سينغالي لمحور الديمقراطيات الناشئة الرباط/ نواكشوط/ دكار، في مقابل محاور الانقلابات العسكرية المجاورة.

منذ 2011 قدم المغرب نموذجه السياسي الخاص في مواجهة الزوابع الاقليمية، وقبل ذلك، وإبان فورة الجريمة الايديولوجية المتظمة عرض تصوره الديني لمجابهة التطرف الديني العنيف.

بالنسبة للديمقراطيات الناشئة في افريقيا، وسط صراع مع التهديدات الايديولوجية الشمولية، يبدو المغرب نموذجا للإقتداء، رأينا ذلك في الإقبال على النموذج الديني لإمارة المؤمنين، وفي طرق تدبير النزاعات السياسية الوطنية.

في حفل تنصيب الرئيس السينغالي استدعي المشروع الافريقي للعاهل المغربي، مشروع التحرر من الاستعمار الناعم بالاعتماد على الذات والتعاون جنوب_ جنوب. ذاك المشروع الذي غير نظرة كثيرين اليوم لأفريقيا، فرنسا مثال جيد في هذا الحديث.

لم يقدم العاهل المغربي للشعوب الافريقية خطابا إيديولوجيا حول الحرية، بل ذهب رأسا إلى إرساء وبلورة مشاريع عملية: التعاون في مجال الغذاء، مشروع انبوب الغاز افريقيا اوروبا، المشروع الجيوسياسي للساحل الأطلسي، ربط دول الساحل الافريقي بالواجهة البحرية الأطلسية ..

في تلك الإشارة الرمزية لامتياز الحضور الملكي ممثلا في رئيس الحكومة ثاني منصب في الدولة، اختارت القيادة السينغالية الجديدة أن ترافق الأفق الديمقراطي والتحرري المغربي في افريقيا، وأن تستثمر ثقل التاريخ الثنائي في بناء مستقبل مشترك لشعوب المنطقة.

ليس ذلك بغريب عن السينغال، فهي واحدة من أعظم الأمم الافريقية في قتالها من أجل الحرية، ومن أجل الحلم الافريقي.