ملتمس الرقابة ليس لعبة

يونس دافقير الجمعة 29 مارس 2024
No Image



نحن الشباب الذين التحقنا بالنضال اليساري بداية التسعينات من القرن الماضي، كنا ننظر إلى "ملتمس الرقابة" بكثير من هيبته ووقاره.

كان ملتمس إسقاط الحكومة يعني ما يعنيه من لحظة فاصلة في سياق الصراع السياسي بين القصر وأحزاب الحركة الوطنية.

أول مرة تمت فيها محاولة تحريكه كانت سنة 1963، وقد خلق ذلك حدثا سياسيا كبيرا، حتى أن أصحاب الملتمس اتهموا بخدمة أجندة خارجية. في ذلك الوقت كانت للملتمس الرقابي كلفته.

غير أن اشهر ملتمس للرقابة هو الذي سعت أحزاب "المعارضة الوطنية" إلى طرحه سنة 1990، كان ذلك واحدا من أولى الخطوات النضالية التي اعقبت "الانفتاح السياسي" الذي أعلنه الراحل الحسن الثاني بداية من 1989.

تزامنت خطوة ملتمس الرقابة مع التحاق حزب الاستقلال بصفوف المعارضة اليسارية، كان ذلك أيضا حدثا كبيرا لأنه أحدث تعديلا هاما وملموسا في ميزان قوى الصراع السياسي.

أتذكر أنه في بداية تسعينات القرن الماضي، كان "ملتمس الرقابة" يقدم في السردية اليسارية كواحد من الإنجازات السياسية النضالية الكبرى، مثله مثل تأسيس الكتلة الديمقراطية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين...

وكما في 1963 أو 1990 كان ملتمس الرقابة يهز أركان المناخ السياسي في البلاد.

واليوم لم يعد هذا الملتمس يعني شيئا، لا حدث ولا أهمية، بارد تماما مثل برودة الذين يلوحون به.

مرة سألني صديق في القطار: هل ستدعمنا إعلاميا في ملتمس الرقابة؟

أجبته: عليك أن تشرح لي أولا كيف انتقلتم من المطالبة بدخول الحكومة في تعديل حكومي، إلى المطالبة بإسقاطها!!

هذه أول مرة في تاريخنا السياسي يحرك حزب ملتمس رقابة للانتقام من حكومة لم يسمح له بدخولها. أو أنه يجعله مجرد وسيلة ضغط لمحاولة دخولها من جديد.

وقد اعتدنا في حياتنا السياسية أن يكون هناك هروب كبير من الفضيحة الأخلاقية إلى الاختباء خلف خلق ضجة سياسية.

لكنني لم أتوقع أبدا أن يتم تمييع هيبة ملتمس الرقابة، وإذلال تاريخه الذهبي.