خوفا من اتساع رقعة العزلة دوليا.. ديبلوماسية الكابرانات تقر بالخطأ في قضية بناية الرباط !

عبد المجيد حشادي الجمعة 29 مارس 2024
No Image

بعد التهديدات وحملات الوعيد بالاقتصاص من المغرب وفضحه أمام المنتظم الدولي، بلعت سلطات النظام العسكري لسانها، وتراجعت خطوات إلى الوراء، معترفة في مشهد يكشف حقيقة تفكير الكابرانات، أنها أخطأت، واعتبرت أن القضية انتهت.

تراجع النظام العسكري، جاء عبر وزير خارجيته أحمد عطاف، الذي خرج في مؤتمر صحفي ليعلن أن التبريرات التي قدمتها مصادر ديبلوماسية مغربية حول ملف عقارات سفارة الجزائر بالرباط « كانت لائقة »، وأن « القضية قد انتهت »، مقدما مبررات لتراجع عن خطأ دبلوماسي، ساهمت فيه عنجهية النظام العسكري في زيادة توتر العلاقات المقطوعة أصلا بين البلدين.

وجاء هذا التراجع الذي تم تصدير وزير الخارجية عطاف للإعلان عنه، بعد حوالي 11 يوما من إصدار الخارجية الجزائرية بيانا « ناريا » زعمت فيه أن السلطات المغربية قامت بمصادرة ممتلكات سفارة الجزائر بالمغرب، وتوعدت بالرد المناسب على هذه الخطورة، والتي وصفتها بأنها « خطوة تصعيدية، تفتح لها مجال الرد بالطرق المناسبة ».

وبالرغم من الجعجعة التي صدرت عن النظام العسكري، وخروج العديد من الأبواق لتهديد المغرب، اختارت المملكة، وسيرا على نهجها الهادئ، عدم الانجرار للغة التهديد والوعيد، حيث صدر على تلك الادعاءات، عبر رد منسوب لديبلوماسي مغربي، في صيغة تحيل على عدم إعطاء الأمر أكثر من حجمه، قال فيه أن تلك الادعاءات « لا أساس لها من الصحة، وأن الرباط لا تسعى للتصعيد ضد الجزائر ولا تطمح للاستيلاء على سفارة جارتها الشرقية ».

كما أوضح المصدر المغربي أن « الأمر يتعلق بمبنى غير مستغل أساسا »، وهو ما يكذب جملة وتفصيلا كل ماتم تداوله من قبل النظام العسكري من ادعاءات وحجج واهية.

وفي سعيه للتقليل من حجم السقطة الديبلوماسية التي وقع فيها النظام العسكري، وأحرجته أمام دول العالم، حاول وزير خارجية الكابرانات، تبرير الصخب الذي صدر عن النظام بالقول بأن ‘‘بلاغ بلاده التنديدي جاء بعدما أثار المغاربة الموضوع ونحن قمنا بالرد عليه‘‘ في اعتراف ضمني ونادر بالوقوع في خطأ ديبلوماسي، بسبب التسرع الفاقد لكل عقلية، وأن الموقف الجديد هو محاولة لإصلاح ماتم الوقوع فيه.

وربما هذه أول مرة يعترف فيها النظام العسكري بخطأ وقع فيه، ويحاول التراجع عنه، ولو بطريقة تحاول الإيحاء بأنه غير ذلك، حيث اعتاد الكابرانات، وعلى مر السنوات الماضية، المضي قدما في سياساتهم حتى حين يكتشفوا أنهم أخطؤوا، مصرين على الذهاب بعيدا في عدواتهم للمغرب.

وكان دبلوماسي مغربي أكد في تصريحات سابقة أن المملكة أبلغت في وقت مبكر من يناير 2022، رسميا وفي مناسبات عديدة، السلطات الجزائرية برغبة الدولة المغربية في شراء العقار قائلا أن ‘‘القنصل العام للجزائر في الدار البيضاء استقبل في الوزارة بما لا يقل عن 4 مرات بهذا الخصوص وأنه أحيلت 8 مراسلات رسمية إلى السلطات الجزائرية التي ردت بما لا يقل عن 5 مراسلات رسمية‘‘.

كما أشار الى ان ‘‘اثنتين من مراسلاتها، على العرض المغربي بالإشارة إلى أن تقييما مملوكا للدولة لهذه الممتلكات جار وأنها ستبلغ استنتاجاتها بمجرد الانتهاء منها »، موضحا أن « الإفراج عن المبنى وإزالة محتوياته سيتم وفقا للأعراف الدبلوماسية بمجرد الانتهاء من عملية البيع‘‘.

وحسب متتبعين فإن هذا التراجع جاء نتيجة الحرج الذي وضع النظام نفسه فيه، بسبب تسرعه وإطلاقه اتهامات غير مبنية على أساس، والتهديد بتصعيد الموقف إلى المستوى الدولي، مايفضح العشوائية التي يتم بها تسيير الديبلوماسية الجزائرية من قبل الكابرانات، والتي كانت وراء العديد من النكسات التي تكبدها النظام في الفترة السابقة، حتى في محيطه القريب.

وفي هذا السياق، أقدم النظام العسكري قبل يومين على إحداث حركة تغييرات واسعة في سلك السفراء والممثليات، وصفت بالاضطرارية، وهمت 28 سفيرا، أبرزهم سفراء الجزائر في كل من باماكو والقاهرة، واللذان لم يمض على تعيينهما سوى بضعة أشهر ليتم الإطاحة بهما، مايكشف عن العشوائية التي تطبع عمل الكابرانات، والتي أفقدتهم العديد من الحلفاء وأدخلت البلاد في عزلة بسبب منطق العداوة الذي تسير بها ديبلوماسيتها.