مرض عضال ! 

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 20 فبراير 2024
No Image

كم مر من الوقت على السابع من أكتوبر وماوقع بعد يوم السابع من أكتوبر من السنة الماضية؟

الآن نحن في الشهر الخامس. إسرائيل تقصف بكل قواها مناطق اختفاء "حماس" بين المدنيين الفلسطينيين، ونادرا ما تقتل قياديا حمساويا أو جهاديا من بين الضحايا الكثر الذين يخلفهم قصفها العنيف.

غالبية الضحايا مدنيون هاربون من جحيم إسرائيل ومن جحيم حماس نحو...العدم. ذلك أنهم لايملكون مكانا حقيقيا يهربون إليه، لذلك يحملون ذلك المتاع البسيط الذي يتوفرون عليه، ويفرون، فرارا من حياة هي كالموت، ومن موت يرونه قادما إليهم مهما هربوا.

عندما وقعت الواقعة يوم السابع من أكتوبر الماضي، واستهدفت "حماس" بمعية "الجهاد الإسلامي" مدنيين إسرائيليين كانوا في حفلة يرقصون، قال العقلاء في العالم كله، إن "حماس" رفعت عن إسرائيل حرج قتل المدنيين الفلسطينيين من الآن فصاعدا، وأكدوا أن القادم سيكون أسوأ، وأشد إيلاما ووقعا على كل النفوس السوية في العالم بأسره.

كيف رد حمقانا على هذا الكلام العاقل؟

بالتخوين، كالعادة، وبالتكفير، وبالإخراج من الملة، وبالسب، وبالشتم، وبتحريض العوام وذوي العقول الصغيرة أو العاطلة عن العمل.

سكت العقلاء، وصمت صوت العقل، وارتفع في المكان صوت العربدة المجنونة فقط.

اكتفت الناس بالفرجة عبر التلفزيونات على الحصيلة المفجعة وهي تكبر يوما بعد يوم. وحاول حمقانا مداراة خيبتهم الجديدة بالمزيد من الصراخ، وبتنظيم الفعاليات تلو الفعاليات: مرة مسيرة، ومرة مظاهرة، ومرة تجمع، ومرة خطابة صامتة لاتقول إلا الهراء، ومرة صور وسيلفيهات كثيرة، وهكذا دواليك.

في الوقت ذاته بقي المدني الفلسطيني يموت لأجل أن يجد "أبوعبيدة" من وراء لثام تنكره كلاما يقوله للتلفزيونات.

فقد آباء أبناءهم، وفقدت أمهات فلذات أكبادها، وفقد الكل الكل هناك، فقط لكي يجد المزايدون كلاما ساكتا آخر يضيفونه لرصيد الخيبات المفتوح منذ ثلاثينيات القرن الماضي، هناك في تلك الأرض السلام التي خلقت للسلام، لكن لاسلام فيها.

الآن، ما العمل؟

حتى حلفاء إسرائيل الكبار والتقليديون يقولون لها "كفى"، لكنها لاتنصت لأحد لأن (من دخلوا الباب) فرحين يوم السابع من أكتوبر، وقتلوا مدنييها رفعوا عنها الحرج، وأعطوها البطاقة البيضاء التي كانت تنتظرها دوما وأبدا: بطاقة القتل العنيف والقاسي دفاعا عن مدنييها هاته المرة.

لا أعرف بالنسبة لكم، لكن بالنسبة لي هذا الموضوع قاتل وقاسي ومؤلم، ولا مجال فيه للجدل الفارغ أو "البوليميك" إلا لدى الحمقى فعلا.

أبرياء يموتون يوميا بغباء، وحمقى بعيدون عنهم كل البعد يصرخون "مزيدا من الموت من فضلكم لكي نشعر أننا نقاوم، مع أنكم وحدكم من تموتون".

مرعب هذا الجنون الغبي وكفى.

هل له من نهاية؟

لا أدري، فقد تعلمنا منذ القديم أن كل الداء ملتمس شفاه، إلا الحماقة، فقد أعيت من يداويها...