حكاية إيفوارية !

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 13 فبراير 2024
No Image

أهدتنا صدف الحياة الجميلة فرصة عيش جزء من كأس إفريقيا للأمم، التي انتهت الأحد الماضي، رفقة وداخل ومع الشعب الإيفواري الطيب، ورأينا هناك وعشنا وشاهدنا وسمعنا وفهمنا مايعنيه التتويج باللقب - إن تم، وقد تم - بالنسبة للشعب هناك.

يتعلق الأمر بشعب هو تجسيد البساطة كلها، معركته الأولى والأخيرة هي معركة من أجل العيش اليومي، تماما مثل بسطائنا هنا، لكن مع فارق إمكانيات مادية مهول، يتغلب عليه الإيفواري والإيفواري بالسعي وراء الرزق كل ساعات النهار.

الأشياء البسيطة، والتي تتساءل عن فائدتها، التي تباع في شوارع المدن التي عشنا فيها (أبيدجان وسان بيدرو) أو التي زرناها (ياماسوكرو)، وعلى امتداد كل الطرق التي تربط هاته المدن ببعضها، هي أشياء يقول عبرها الإيفواري إنه لايريد صدقة، لكنه يريد مقابل مايقترح عليك شراءه.

نعم، قد يبيعك ذلك المنتوج (كيفما كان نوعه) بثمن مبالغ فيه، ولسان حاله يقول لك "دعنا ننتهز فرصة هاته الكأس وفرصة قدوم كل هؤلاء الناس إلينا"، لكنه لايقبل الصدقة، وهذه علامة كبرياء إفريقية تستحق الإكبار، وتشرح لك سبب تحول هاته الكأس مع تقدم المنافسة حولها إلى رهان أكبر من الرهان الرياضي بالنسبة للإيفواريين كلهم، قمة وقاعدة.

عشنا مع كبريائهم أيضا وفاءهم، وكتبناها قبل هذا الوقت حين قلنا لقرائنا إن الكلمة الوحيدة التي يقولها لك الشعب هناك فور معرفته بجنسيتك هي عبارة merci les marocains.

وعندما حمل عميد المنتخب الإيفواري غراديل علم المغرب وطاف به ملعب الحسن واتارا بعد التتويج، أو عندما عانق فخامة الرئيس واتارا بنفسه بحرارة صادفة فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وهو يسلمه علم تنظيم الدورة المقبلة، تذكرنا مجددا أن الإيفواريين لن ينسوا أبدا الدين المغربي الجميل، الذي أعادهم بموجبه هدف حكيم زياش إلى منافسة كانوا يستعدون لمغادرتها، فإذا بهم يتوجون بلقبها.

نحن، المغاربة، لن ننسى هاته الدورة التي نظمت في أرض العاج وساحله، لاعتبارات شتى فيها الجميل الطيب، وفيها المر الذي سنعمل على إصلاح الأخطاء التي تسببت فيه.

وهم، الإيفواريين نقصد، لن ينسوا طبعا هذا التتويج الثالث المستحق والخرافي، ولن ينسوا معه أبدا المغرب، والذكرى الرائعة التي خلفها عبور المغاربة، جمهورا وفريقا ومسؤولين وإعلاميين من هناك.

مبروك الكوتديفوار، تستحقين كأس القارة الغالية، ويستحق شعبك الطيب كل الأفراح.