عناق مغربي ايفواري  في النهاية السعيدة للكان.. ‘‘خاوة خاوة‘‘ صادقة وحقيقية

الاثنين 12 فبراير 2024


نادرا ما تعاطف شعب مع شعب آخر من أجل استحقاق كروي في المنافسات القارية أو الدولية، كما كان الحال ليلة أمس عندما كانت قلوب المغاربة تخفق مع مجريات المباراة النهائية لكأس أمم افريقيا التي دارت بالعاصمة الإيفوارية وتحديدا على ملعب الحسن واتارا، بين منتخب البلد المنظم ونيجيريا. وتفاعل المغاربة مع مجريات المباراة منذ إطلاق الحكم الموريتاني لصافرة البداية وحتى نهايتها، التي أعلنت تتويج ‘‘الأفيال‘‘ باللقب الأغلى افريقيا.
تبدأ القصة من الدور الأول للكان، حين كان المنتخب المغربي متصدرا لمجموعته، ولا شيء يجبره على الإطلاق للعب مباراته الثالثة والأخيرة في المجموعة أمام زامبيا بالجدية والحماس اللازمين، لأن كل النتائج كانت أولا تضمن ترشحه للدور ثمن النهائي، ولأن التعادل أيضا كان يكفيه للاستمرار متصدرا. لكن الحزم المغربي لم يمنحه الانتصار فقط، بل بعث منتخبا إيفواريا من الموت، بعد أن كان قد أنهى مشاركته في الدور الأول ثالثا في مجموعته وبحظوظ قليلة للترشح، باحتساب فارق الأهداف المقبولة والمسجلة. وحدها رجل زياش كانت تملك سر مرور الأفيال. ووحده الانتصار جعلهم يمرون للدور الموالي كآخر أحسن الثوالث في المجموعات الست.
لذلك عندما انفجر الايفواريون فرحا بالتتويج.. كان المغرب في قلب كل ايفواري من عين السبع إلى أبيدجان.

"شكرا خويا.. شكرا بزاف"
كان العلم المغربي حاضرا في مدرجات الملاعب التي لعبت فيها "الأفيال" بأبيدجان وياموسوكرو وبواكي، وحتى النهائي المثير أمام نيجيريا مساء الأحد. وقام المهاجم ماكس-ألان غراديل بدور شرفي في ملعب "الحسن واتارا" بعد التتويج وهو يحمل العلم المغربي، مثيرا هتافات وتصفيقات المشجعين. ماكس غراديل لم يفكر كثيرا.. لم يسقط أرضا.. لم يعانق حتى زملائه في المنتخب كعادة اللاعبين في الاحتفالات. كان أول ما قام به، هو الطواف بالعلم المغربي على مضمار ملعب الحسن واتارا وسط هتافات متعالية وتصفيقات حارة من آلاف من مواطنيه.
وقال المشجع سليمان كوني: "تحيا ساحل العاج، شكرا لله وشكرا للمغرب". وأضاف آخر باللغة العربية: "شكرا بزاف (جزيلا) شكرا خويا (أخي)، شكرا إخواني".
وظل الشعب الإيفواري بأكمله يشدد على "فضل" المغرب في تأهل فريقه لثمن النهائي من نهاية دور المجموعات في 24 يناير (بمباريات المجموعة السادسة التي ضمت المغرب). وقال مشجع آخر بعد مغادرته مدرجات ملعب "الحسن واتارا" والعلم المغربي على كتفه "انتقلنا من سخرية الجميع إلى التتويج باللقب القاري، كل هذا بفضل المغرب. نحبكم يا مغاربة".

ألوان الاحتفال تشعل ليل البيضاء
من عين السبع إلى ليساسفة، ومن سباتة إلى بوركون، امتزجت الفرحة المغربية الايفوارية على إيقاع الألوان والرقصات والأهازيج حتى ساعات مبكرة من صباح اليوم الاثنين. تحولت شوارع وأزقة وأحياء الدار البيضاء إلى نسخ من أحياء أبيدجان وياموسكورو وسان بيدرو وبواكي. قالت جوستين عند أحد ملتقيات الطرق وسط المدينة بصوت مبحوح غالبته الدموع ‘‘شكرا بزاااااف.. ميرسي لو ماروك.. ميرسي لوروا..‘‘.
الجالية الايفوارية في العاصمة الاقتصادية كانت على موعد مع يوم حاسم، كشفه الحماس الذي سيطر على أفرادها ساعات قبل اللقاء. جهزت مقاهي خاصة لاحتضان توافد ايفواريي المدينة منذ زوال أمس، الذين احتلوا مكانهم مدججين بالمنبهات الافريقية المعروفة بال‘‘فوفوزيلا‘‘، ومرتدين لأقمصة المنتخبين الايفواري والمغربي.
كاتي وزوجها الفونس ترقبا موعد المباراة بالكثير من القلق. كان تخوفهم من مفاجأة أخيرة كبيرا لدرجة أنهما صرحا لمن حضر معهما اللقاء بأنهما لا يحتملان أن تطير الكأس إلى أبوجا، لأن المنتخب النيجيري شرس ومتمرس. انتقلت أحاسيسهما من النقيض إلى النقيض، حين كان فرانك كيسي يطير في الهواء ويحرز التعادل في شباك النيجيريين. طارا معا من مكانها في المقهى بحي بوركون مثل كيسي تماما، ولم يعودا إلى رشدهما إلا بعد أن تبادلا العناق مع كل الحاضرين وأولهم نادل المقهى حسن، الذي يعرفهما جيدا بحكم الجورة القديمة. قالت كاتي في نهاية اللقاء ‘‘ إنه يوم تاريخي والحفل مستمر إلى الصباح.. لا يفرق أن كنا في المغرب أو كوت ديفوار.. الفرحة واحدة‘‘.

لا ننسى الجميل
لاعبو كوت ديفوار القدامى والجدد.. المحترفون بيننا والمحترفون في الخارج.. عبروا بفخر وحماسة بكل عناوين الاعتراف بالجميل لدور المغرب المهم والحاسم في تقريبهم من التتويج الثالث بالكأس الافريقية. كان أولهم لاعب الرجاء البيضاوي هيرفي كاي الذي نشر على صفحته في انستغرام صورته ومعها صورة الجماهير الايفوارية وهي تضع علم المغرب في قلب ملعب الحسن واتارا معلقا ‘‘ من ثوابتنا الاعتراف بالجميل..‘‘.
في أعقاب المبارة ووسط فرحة التتويج العارمة، صرح الصحفي الايفواري فرانسوا ثيبو مراسل ‘‘فرانس افريك‘‘ في الكأس الافريقية، بأن ما حدث يشبه المعجزة التي كان سببها الأول المنتخب المغربي وهدف زياش في شباك الزامبيين. قال فرانسوا لاحقا في نفس المراسلة ‘‘ يجب أن نقول شكرا للمغاربة.. شكرا جلالة الملك.. شكرا زياش واللاعبين.. لابد أن نعترف بالفضل‘‘.