إسكوبار والزملاء !

بقلم: المختار لغزيوي الخميس 28 ديسمبر 2023
No Image

ليس هناك تيكتوكر واحد في البلد ولا يوتيوبر ولا إنستغرامر، لم يدل يدل بدلوه في قضية "إسكوبار الصحراء".

الجميع يكشف المعلومات المثيرة، والجميع يخبرنا بتفاصيل سقوط هاته الشبكة، وبالأسرار المحيطة بهذا السقوط، والجميع على بينة من حقيقة ماوقع، ويقع، وسيقع، في هذا الملف.

وحقيقة، يشعر المرء بفخر شديد عندما يلمس بالوقائع والفيديوهات أن العملية الصحفية في البلد وصلت درجة من الدمقرطة غير مسبوقة، جعلتها متاحة للجميع، وجعلت هذا الجميع قادرا - في قضايا كبرى مثل هاته وفي بقية القضايا - على الخروج إلى الناس وعليهم، بوجه مكشوف، وبأعين ستنفجر في مآقيها، لفرط (تخراجها في عباد الله) من أجل تقديم آخر المستجدات في هذا الملف، وقراءة هاته المستجدات على ضوء المعلومات السرية التي توفرت لقبيلة تيكتوك ويوتوب هاته من مصادر مجهولة.

هذا الاستسهال الذي يبدو لنا مضحكا لفرط غبائه، أمر محزن في عمقه، وخطير في حقيقته، ويطلق وابلا من رصاص الرحمة على مهنة اتضح بألا أحد يريد لها المفتاح الشهير من أجل إغلاق بابها أمام الأدعياء والنصابين، الذين استغلوا حالة الهشاشة والهوان التي تمر منها، لكي يقتنوا آلة تصوير، ويجلسوا أمامها و "جيب يافم وقول"، مما نعاينه بشكل يومي، ونعاني من تبعاته بعد أن تاه الناس تماما عن الصحافة الحقيقية في البلد، وأصبحوا يعتقدون أن هاته الكائنات المتحدثة في تيكتوك ويوتوب تمارس حقا هاته المهنة المنكوبة.

أجمل شيء في حكاية إسكوبار الصحراء هاته، وهي مجرد نموذج، هو أننا جميعا، لولا العريقة "جون أفريك" التي تابعت هذا الملف منذ مدة، لما علمنا عنه شيئا، ولانتظرنا - باستثناء قلة قليلة جدا لاعلاقة لها بهذا الجيش العرمرم من المتحدثين في الموضوع اليوم - صدور أعداد أخرى من مجلة "بن يحمد"، من أجل مزيد من التعرف على بنبراهيم والشبكة التي صنعها هذا المالي/المغربي داخل وخارج المغرب.

وأضعف الإيمان في نازلة مثل هاته هو أن يحرص التيكتوكرز واليوتيوبرز على ذكر المصدر الذي يسلخون منه سلخا معلوماتهم حول هذا الملف، لا أن يكتفوا بقراءة ماتنشره الجرائد والمجلات الحقيقية، ويسارعوا إلى ترجمته بدارجة تيكتوك ويوتوب، وإلقائه على رؤوس الناس، وانتظار عائدات الأدسنس كل نهاية شهر.

لكن هل يمكن انتظار فعل أمين مثل هذا من هاته القبيلة، باستثناء من رحم ربك فيها وهو قليل، ونحن نرى أنها أسست وجودها كله على عملية النصب والاحتيال هاته، وانتحال صفة مهنة لم تعثر بعد على من يدافع عنها بطريقة فعالة وشرسة وحقيقية، لإقفال أبوابها نهائيا في وجه الأدعياء؟

هو أمر غير منتظر نهائيا، وحين كنا نقول قبل سنوات خلت إن استهتارنا بعملية "ادخلوها بسباطكم" التي تمس المشهد الإعلامي، كان البعض يهون من الأمر، ويقول إنه ليس بالخطورة التي تعتقدونها.

الآن، نحن أمام كائنات، في أغلبيتها، وليس كلها، بمستويا تعليمية متوسطة، وبصفر شهادة في المهنة، وبصفر سنة من الممارسة المهنية، تنوب - بكل افتخار - عن مؤسسات إعلامية في مخاطبة الرأي العام وحشو رأسه بالصادق والكاذب من الأخبار، دون تمحيص أو تدقيق، ودون إحالة على مصادر، ودون أي شيء على الإطلاق.

هل الأمر خطير؟

الله أعلم وكفى، نحن نطرح السؤال فقط، قبل أن نعود مسرعين إلى "تيكتوك"، و "يوتوب" لمتابعة آخر التطورات على يد هذا الجيش العرمرم من الزملاء والزميلات.