أسوأ ماقد يحدث للناس فعلا هنا هو أن يعتبروا عدم تعليم أبنائهم، أيامًا أو أسابيع معينة، أمرًا غير ذي بال، شيئا غير ذي أهمية، مسألة قد تخضع هي الأخرى لعرض السياسة وطلب النقابة، وبقية الترهات.
عذرا، لكن الأمر خطير، بل هو الخطورة عينها. وطبعا لست هنا في موقع يسمح لي بأن أقول الحكومة مخطئة في تعاملها مع الأساتذة المضربين، ولافي الموقع الآخر الذي يمنحني الحق في أن أتهم تنسيقية الأساتذة بأنها أضرت بأبناء الشعب المغربي وحرمتهم من أيام مهمة من عمرهم الدراسي لن تعوض أبدامهما قيل.
أنا، ومعي عدد كبير من المغاربة، هنا لكي نقول إن ماتركه لنا خواء سنة كوفيد القاتلة تعليميا استكمل نفسه مع هذا الدخول المدرسي غير الموفق نهائيا.
ونحن هنا، الصحافة والشعب أقصد، فقط لكي نقول إننا نتفهم مطالب الأساتذة المحترمين، وإننا نتفهم إكراهات الحكومة المحترمة، لكننا نتمنى حقا أن يتفهم الطرفان إكراهات من لاحيلة له إلا التعليم العمومي، ونأمل أن يأتي علينا يوم يفكر فيه الطرفان معا في صغير أو صغيرة امتدت به العطلة الصيفية حتى الآن (لأن خلافا حول النظام الأساسي الجديد يجمع كبارا "في السن فقط"، يحرمه من حقه في التعليم).
هذه جريمة حقيقية، ومن يعرف قليلا أو كثيرا مستوى التلاميذ المغاربة في السنوات الأخيرة، سيحس فعلابحجم الدمار الذي يقع الآن، وسيفهم أن أغنية أو شعار "مابغيتوناش نقراو"، انتقل من طور التغني به إلى طور تطبيقه من طرف أكثر من جهة، وكلها تتكالب على المواطن العادي والفقير لكي تحرم أبناءه من حقهم في التعليم.
نعم، هناك فئة مسكينة أخرى، هي في مرتبة بين المرتبتين، تمثل دور الطبقة المتوسطة أو المستريحة ماديا، وتدفع مالا كثيرا لتعليم خصوصي يقال إنه يضمن الامتياز لصغارها، لكنها في العمق غير مقتنعة إلا بشيء واحد : هي تهرب من مشكلة لم تجد لها حلا، واقتنعت في نهاية المطاف بهذا الحل مع أنها ترى فيه عديدالنواقص والمثالب، لكنها مكرهة لابطلة.
في وطني اليوم، يجد الناس أنه من العادي أن تلتقي التلاميذ منذ بداية الدخول المدرسي، وأن تسألهم "شنو قريتو اليوما؟"، فيجيبونك "والو آعمي، الأساتذة دايرين الإضراب على بنموسى من الأول دلعام".
عذرا، الأمر غير طبيعي على الإطلاق.
هذا التجهيل الممنهج لبنات وأبناء المغاربة لايمكن أن يكون أمرًا طبيعيا أبدا، مهما كانت مبررات الأطراف كلها، ومهما تعددت الأكاذيب.
إتقوا الله فيما وفيمن تبقى منا وفينا، هذا هو الرجاء، فقط لاغير، وتحية نضالية للجميع، حكومة عنيدة لاتلين، ونقابات لم تعد، وتنسيقيات عجيبة لاندري بين من تنسق، وأساتذة تركوا أقسامهم، وأصبحوا يعشقون التقاط الصور في محطات القطار وهم عائدون من المسيرة تلو المسيرة، ومعذرة طبعا على الإزعاج.