القيم الجمالية في ابداعات الفنان التشكيلي عبد الله الرامي

محمد معتصم الثلاثاء 14 نوفمبر 2023
No Image



AHDATH.INFO

تقدم لنا تجربة عبد الله الرامي الفنية مساحة شاسعة للتأمل والتفكير، لأنه ينجز أعمالا فنية يتشابك فيها الذاتي والجمالي، من داخل خلفية مرجعية ثرية، يلتقط عناصرها الأساسية من مسار حياتي يومي، لا يقصيه الفنان ولا يبعده، بل يستحضره، ويتركه يندس بشكل جمالي في لوحاته الفنية .

بعيدا عن أي تسرع، يشتغل الفنان العصامي عبد الله الرامي وفق مشروع جمالي متعدد ومتجدد والذي انجلت ملامحه خلال السنوات الأخيرة.. فبعد تجربة معرضه الفردي بالمعهد الفرنسي بالقنيطرة ، والذي بصم على التميز ولقي نقاشا عميقا حول تجربته المتفردة ، يطل علينا خلال هذا الأسبوع بمعرض فردي اختار له من مشتل فني مزهر وناضج عنوانا دالا ومعبرا" تعايش" برواق منظار بمدينة الدار البيضاء. هذا المعرض تحد للفنان مع ذاته ونفسه ، لأنه يحمل بدواخله رؤية ومشروع حداثيين ، كما يؤمن بأن المعرض الفردي سفر مع الذات في عوالم الفن التشكيلي ،و يعتبر الفنان عبد الله الرامي من الأسماء الشابة القادمة بقوة الى عالم الفن التشكيلي المغربي والعربي لما يطبع أعماله من عمق الرؤية واشتغال بالغ على التنوع والتطوير لمشروعه الجمالي ، متمسكا بفضيلة الاختلاف وملتحفا ازار البحث والتنقيب ، هذا ما يجعل أعماله الفنية محط اطراء نقدي غير مشوش عليه ، وترحيب من طرف عموم جمهور الفن .

على " كتالوغ " المعرض الحالي ، كتب الناقد الفني محمد الزبيري قراءة عميقة حول أعمال الفنان عبد الله الرامي جاء فيها :" فبعد أن كان الفنان عبد الله الرامي قبل هذه المرحلة ، شبه مستغرق في النبش في كنوز الموروث الشعبي ، في محاولة حل طلاسيمه وتفكيك بنيته ، في محاولة القبض على المجرد فيه لرؤية اللامرئي ، من خلال حل معادلة جمالية شعارها " تجسيد المجرد " . يبدو اليوم فناننا في هذه المحطة الجديدة ، في أعماله الأخيرة وقد عبر الى ضفة أخرى من ضفاف تجربته الفنية الواضحة الملامح المحددة الأهداف وكأنه يحاول فيها " تجريد المجسد " ، لكشف ما وراء هذا المجسد ـ الجسم الانساني الساحر ـ وما توارى خلفه من دلالات ، وما تنطوي عليه بنيته ـ كشكل جمالي ـ من أبعاد انسانية واحالات رمزية " .

أما الناقد الجمالي " سعد العبد ـ أستاذ الرسم والتصوير بكلية التربية الفنية الزمالك ، جامعة حلوان ، مصر ـ فأكد في كلمته الطويلة والمفصلة ، " أن أسلوب الفنان التشكيلي عبد الله الرامي متنوع حيث التعبير الخطي بإيقاعاته التي تظهر تارة في تناغم دقيق محسوب وأخرى بتلقائية لا موضوعية أشبه بتلقائية جاكسون بولك ، وفي كلتا الحالتين نرى الشكل بشخصية مستقلة في مختلف حالاته ومتنوع طبقا لتركيبة وتوليفة التكوين الذي تسيطر عليه حالة من السرد الأشبه بالحكي القصصي " .

يقوم الفنان عبد الله الرامي في بحثه الدائم بالاشتغال على تعبيرات غير الاعتيادية، وذلك بإطلاق طاقاته الإبداعية وبكشف عن أساليب جديدة تقود إلى : مغامرات (تشكيلية) بالمعنى العميق للمصطلح، مما يوضح بشكل جيد نموذجه القائم على الترجمة البصرية المستنيرة، أي جعل “المرئي في العالم لا مرئيا"

المعرض الفردي يستمر الى غاية 16 نونبر 2023 ، وهو مناسبة لعشاق الفن التشكيلي للاقتراب من تجربة الفنان التشكيلي الشاب عبد الله الرامي الذي تنطوي على مياه فنية عذبة ولذيذة .