الخطاب الملكي.. درس الهندسة الجيوسياسية

يونس دافقير الثلاثاء 07 نوفمبر 2023
No Image

AHDATH.INFO

من خلال خطوات عملية جديدة، يؤكد العاهل المغربي الملك محمد السادس، التزامه الراسخ والطويل الأمد، بوصفة التعاون جنوب _جنوب، والتي طالما سعى إليها قادة إفريقيا التاريخيين، للخروج من مأزق الفقر وعدم الاستقرار.

وفي خطاب المسيرة الخضراء أيضا، نلمس التأكيد على تميز المقاربة المغربية الشمولية في إحلال الأمن والسلام، قالها الملك بوضوح؛ الأزمة السياسية والأمنية في الساحل الإفريقي لن تحسمها الخيارات العسكرية، وحدها التنمية هي الأرضية الصلبة لخلق قاعدة وحاضنة شعبية للسلم والاستقرار.

يقدم المشروع الاستراتيجي للواجهة الأطلسية الذي يضم 23 دولة ممارسة ملكية عملية لخيار التعاون جنوب_جنوب من اجل تحقيق التنمية، بينما يعرض فتح هذا المشروع على دول الساحل جنوب الصحراء سلوكا عمليا آخر تجاه تأكيد أن التعاون البين إفريقي هو السبيل إلى فض النزاعات والتوثرات.

خطاب المسيرة الخضراء كتلة متماسكة، ولديه بنيان ناظم، يمكن أن نقول أنه من نوع الخطب الملكية الكبرى، تلك التي تضمنت عمليات هندسية جيوستراتيجية. في مدة وجيزة لاتتجاوز العشر دقائق، سنجد إن وحدتنا الترابية وسيادتنا الوطنية توجد في قلب هذا التحول الكبير.

تاريخيا، وقبل الاستعمار، كان الساحل الأطلسي فضاء نشطا للديبلوماسية والتواترات والحوارات الدولية للمغرب، الاعتراف باستقلال أمريكا واحد من دلالات ذلك. بعد الاستقلال انتقل مركز علاقات الدولة الوطنية إلى الضفة المتوسطية والشرق الأوسط.

في خطاب المسيرة تخطيط لاستعادة الفضاء الديبلوماسي الأطلسي، إعادة الاعتبار له واقتناص فرصه، لكن ذلك لن يكون هذه المرة من بوابات المدن التاريخية كسلا والصويرة والجديدة ... في القرون الماضية. بوابة المشروع الجديد تنطلق من الصحراء وسواحلها الغنية.

في هذا يطلق الملك سلسلة أفكار جديدة في تأهيل الصحراء لاحتضان هذا المشروع الأطلسي الكبير، البنيات المينائية والطرقية وشبكة النقل البحري... فضلا عن الاستثمارات الضخمة في المعادن البحرية والصيد والفلاحة والسياحة ... ستقوي المشروع الرائد المسمى النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، كان وضع هذا المشروع سنة 2015 تعبيرا عن وعي مبكر بإمكانات وفرص كبرى قادمة.

إذا أعدنا قراءة المسألة السياسية في الصحراء في ضوء ماسبق، سننطلق من أمور وردت في الخطاب كرسائل ضمنية؛ أولها أن هذا النزاع الإقليمي محسوم عسكريا (حالة الكركرات)، وشبه محسوم ديبلوماسيا (دينامية الاعترافات بمغربية الصحراء)، وفي طريقه للحسم تنمويا (النموذج التنموي 2015).

ما دور أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا والمشروع الاستراتيجي للواجهة الأطلسية؟ إن دورهما فاعل في الحسم الجيوسياسي للنزاع الإقليمي، ستشتد العزلة على البوليساريو قاريا، وقد تمتد إلى الاتحاد الافريقي، أما الجزائر، فلن تجد طريقها إلى المحيط الأطلسي عبر تندوف، الرباط ستكون محطة إجبارية.