النية: وصفتنا السحرية !

بقلم: المختار لغزيوي الجمعة 27 أكتوبر 2023
No Image

ترددنا في "الأحداث المغربية"، في الاحتفال هذه السنة بوصولنا للعام الخامس والعشرين، رغم أن الرقم خاص جدا، ومناسبة "اليوبيل الفضي" هي مناسبة لاتتكرر كل عام.

سبب ترددنا واضح: الحزن العام المسيطر على المكان كله منذ السابع من أكتوبر، أي منذ هجوم "حماس" على غلاف غزة، وهجوم إسرائيل الانتقامي على غزة وأماكن أخرى في فلسطين، وأنهار الدماء التي تجري منذ تلك اللحظة، والتي يبدو أنها لن تتوقف في القريب العاجل، بل والتي يبدو (ونتمنى أن نكون مخطئين في قراءة كل المؤشرات) أنها ستسيل بشكل أكبر في القادم من الأيام والأساببع.

لذلك فضلنا احتفالا داخليا بسيطا، دون كثير بهرجة ولا مبالغة في الفرح، وفي الوقت نفسه دون حرمان أنفسنا من الافتخار ببقائنا وصمودنا كل هاته السنوات، وسط مناخ حاول زرع الإحباط فينا مرارا وتكرارا، ولم ينجح، وحاول إسكاتنا بوسائل شتى (من التكفير حتى التخوين مرورا باتهامات الصهينة والعمل مع كل الجهات التي يمكن أن تخطر لكم على بال، والأخرى التي لن تفكروا فيها أبدا)، ولم يتمكن من ذلك.

وعندما كنا هنا داخل هيئة تحرير "الأحداث المغربية"، نقلب دفتر ذكريات هاته السنوات الخمس رالعشرين التي عبرناها، وجدنا كلمة التحدي موجودة باستمرار، نشهرها في مناسبات صعبة كثيرة، تكررت ومررنا بها، وسمعنا خلالها من أفواه لعبت معنا طيلة هاته السنوات دور غربان الشؤم، نذير الفناء والأفول والمغادرة، وما إليه من أمنيات أعداء هذا الصرح الإعلامي المغربي التي لم تتحقق، وندعو الله أن يواصل مدنا بمايكفي من قدرة التحدي لكي لا تتحقق أبدا.

بالموازاة مع رغبات التحطيم هاته، كانت هناك أصوات مؤيدة ومساعدة كثيرة، استوعبت دوما وأبدا الدورالإعلامي والوطني لجريدة مثل "الأحداث المغربية"، وساندتنا في لحظات الشدة، وكانت من أسباب بقاء قدرة التحدي قائمة لدى أهل هذه الدار، جميعا دون أي استثناء.

اليوم، ونحن ندخل سنتنا السادسة والعشرين، نزداد اقتناعا أن حجم التحديات يكبر، وأن المشهد الإعلامي الوطني الذي يعاني من استيطان النصابين والمحتالين، ومن محاولات احتلال غير مشروعة من طرف الأفاكين وعديمي المواهب، يحتاج من أبنائه المخلصين الحقيقيين، أبناء الحلال الشرعيين، لا اللقطاء المنسوبين إلى فراش العلاقة الحرام، مزيدا من الصمود، وقدرا إضافيا وكبيرا من التحدي، والحرص على التخلص من الشوائب - وما أكثرها - وتنقية الجسد الصحفي من الأوساخ - وقد تناسلت وتكاثرت أعز الله قدر الجميع بشكل قاتل لكل الحواس السليمة- التي تفرمل مسيرة ميداننا، وتجعله قبلة لكل متصيدي "الهوتات والهمزات"، ممن تابعنا ونتابع آثارهم الوخيمة على الجميع.

أبدًا لم تكن هذه الرحلة التي استمرت إلى حد الآن لمدة خمس وعشرين سنة سهلة.

ونحن متأكدون أن القادم منها لن يكون سهلا أيضا، بل ربما سيكون أصعب.

لكننا متأكدون من شيء واحد على الأقل : "النية" الصادقة التي حركت هذا المكان منذ البدء، وجعلت الصادقين من أهل الميدان يسمونه "الزاوية"، و "الدار الكبيرة"، سترافقنا مزيدا من الوقت، ونحن المغاربة، نعرف جيدا أنها متى صدقت، (النية نقصد)، جعلت كل الصعاب أسهل من السهولة بكثير.

كل سنة، وهاته المؤسسة المغربية، مسلحة بهاته النية المغربية التي لاتنقص مع الأيام، بل يزداد صدقها يوما بعدالآخر.