هو مجرد يوم حرب آخر.
لاصوت يعلو على صوت المجانين في العالم اليوم، وفكرة إقناع شخص ما بأن الحرب ليست حلا، هي في حد ذاتها أكبر فكرة مجنونة قد تساور خاطرك.
في القنوات الحربية، العداد مشتغل، والتغطية، مثلما يدعون، مستمرة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
المذيعة تقرأ بشبقية واضحة أرقام القتلى، وتحرص على التمييز فيما بينهم: جزء ارتقى شهيدا، فيما الجزءالآخر قتل، ولاسلام.
بعدها تجري نفس المذيعة إلى مواقع التواصل الاجتماعي لكي تقول إنها تعاني وهي تقرأ كل هاته الأرقام. تطلب من متابعيها ومحبيها الدعاء، ولاتنسى أن تخبرهم أن موقع التواصل الذي تتحدث إليهم عبره، معاد للقضية، و "يجب أن نبحث في القريب العاجل عن بدائل تكون مساندة لنا عوضه".
"أوكي سيدتي، حاضر، سنرى ما الذي يمكننا فعله".
على الضفة الأخرى، وفي قنوات الغرب الديمقراطي كذبا، نفاق آخر كبير.
نحن هنا في المغرب مثلا كنا نصدق الفرنسيين ومن يشبهونهم حين يقدمون لنا المعلومات في نشراتأخبارهم.
عذرا، لكننا بعد الزلزال الأخير الذي ضرب بلادنا أصبحنا نميل أكثر فأكثر للتشكيك فيهم، بل وتكذيبهم، لأنهم كذبوا علينا بشكل صريح وفضحناهم، فما الذي يمنعهم اليوم أن يكذبوا على فلسطين؟
يوم حرب آخر، منذ السابع من أكتوبر الذي اعتبره البعض حزينا لأن مدنيين ماتوا فيه، واعتبره البعضالآخر يوم فتح مبين، وقال إن "المجاهدين دخلوا الباب وسيغلبون".
المشكلة هي أن المجاهدين اختفوا.
وحدهم سكان غزة المدنيون باقون ويظهرون. في البدء يكونون أحياء يصرخون ويستنجدون، وفيما بعد تظهر لنا جثثهم متراصة، والمذيعة إياها، بنفس الشبقية القاتلة تقرأعلينا أعدادهم، وتبشرنا أنهم "ارتقوا"، قبل أن تسرع إلى موقع التواصل إياه لمعاودة نفس اللعبة.
من سيقتنع يوما بأن الحرب فعلا خدعة؟
من سيؤمن أنها تخدعنا جميعا وهي تقنع أكثرنا جنونا، أي الأغلبية، أن طرفا ما سينتصر في نهاية كل هذاالهراء، وأن الطرف الآخر سينهزم حقا؟
لن ينتصر أحد.
تيقنوا من ذلك.
سينهزم فقط الجميع، وخط الدم هذا الذي يكتب بكل هذا الإصرار الأحمق على مواصلة السريان، سيمتد في عروق القادمين منا ومنهم، وسيرثون هم أيضا نفس جينات الجنون البليد والغبي التي تجعلك تقتنع، وأنت مسرور ومكتف، بأن القتل هو الحل.
يوم حرب آخر، والسادة المتفرجون لازالوا يتفرجون، والسادة المتظاهرون لازالوا يتظاهرون، والسادة الشتامون لازالوا يشتمون، والسادة المجانين لازالوا (يبدعون) حقا في الجنون.
هو يوم حرب آخر، لا أقل ولا أكثر.
إلى متى؟
الله أعلم.