جريمة حرب ! (كفى من قتل الأبرياء أيها المجرمون)

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 18 أكتوبر 2023
No Image

لايمكنك، إذا كنت إنسانا مؤمنا بالإنسانية حقا، إلا أن تنتفض غضبا لجريمة الحرب التي وقعت الثلاثاء في غزة.

قصف مستشفى المعمداني بمن فيه، لحظة فارقة حقا في تاريخ هذا التصعيد الجديد. بعدها، لم تعد حلول الأرض تجدي، ووحدها السماء فعلا قد تكون رحيمة بالأهل في غزة، العالقين بين كماشتين لاتريدان لهما إلاالقتل والفناء.

وقد رأينا ردود الفعل هنا في المغرب، وهناك في عواصم العالم العربي، وبعيدا في كل عواصم العالم: لاأحدتقبل، ولاأحد يمكنه أن يتقبل، تحت أي ذريعة كانت قصف مستشفى، وقتل جرحاه ومصابيه، ثم الشروع في الساعات الموالية في البحث عن تبريرات وسيناريوهات لاأحد صدقها، أو سيصدقها.

نفهم أن إسرائيل في حالة جنون، منذ الضربة القوية التي وجهتها للمدنيين "حماس"، وكلنا حذرنا من تبعات فعلة كتائب القسام، وكلنا تنبأنا أن رد الفعل الإسرائيلي سيكون مميتا ومرعبا، لأن ميزان القوى غير متكافئ بالمرة.

لكن أحدا منا لم يتوقع أن تقصف إسرائيل مستشفى المعمداني، ولا أحد منا دار بخلده أن إسرائيل التي أسست كل أطروحتها الدفاعية منذ ماوقع على أيدي "حماس" على أن هذه الأخيرة قتلت وأسرت المدنيين،ستلجأ لما هو أسوأ: الانتقام الجماعي من المدنيين في الضفة الأخرى، بل وقصف المستشفيات وتحطيمهاعلى رؤوسهم.

الآن، نحن في مفترق الطرق هذا، وهو خطير، والمتضرر الأكبر منه عملية السلام التي تبدو الآن في مهب الريح، أما الرابحون الكبار فهم متطرفو إسرائيل في هذه الجهة، ومتطرفونا في الجهة الأخرى، الذين يبتهجون معا بسماع صوت الدمار الكبير القادم إلى المنطقة، والذين لايرون فيه هلاكنا الجماعي - من الجهتين معا _بل يعتقدونه الحل، ويتمنون المزيد من هذا الموت المؤلم، المفجع، الدامي، ذي المذاق السام لدىكل إنسان مؤمن بإنسانيته حقا.

الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستطيع لوحدها أن تقنع نتنياهو ومن معه أن الانتقام لكرامتهم العسكرية التي أهانتها حماس لن يكون بقتل كل سكان غزة.

هذا الأمر يسمى الحمق، ويسمى الإبادة الجماعيه، ويسمى الانتقام الجماعي، وكل تفاصيله تقول إنه جريمة حرب لاتقبلها المواثيق الكونية، ولايمكن أن تجد مساندا واحدا لها في العالم أجمع.

هي لحظة مرعبة، لكنها لحظة يجب أن يعود فيها كثير من العقل إلى الحمقى اللاعبين بالسلاح، لكي يفهموا أن هذا الموت ليس حلا، ولكي يستوعبوا أن هذا الدمار لن يمس طرفا واحدا منا فقط.

هذا القتل الأحمق إن استمر سيبيد العالم كله، لذلك لاحل سوى الضغط بقوة وبنحضر لكي تفهم كل الأطراف الللاعبة في وبفلسطين أن دم الأهل هناك ليس رخيصا إلى هذه الدرجة: درجة جعله مجرد لعبة قاتلة وسمجة وخبيثة للتموقع فوق خارطة السياسة العالمية، وتسجيل الإسم ضمن الكبار الذين يعتقدون أنهم كبروا فقط لأنهم يشجعون القتل والقتل المضاد.

حان الأوان لكي تصرخ الإنسانية المؤمنة حقا بالتعايش في وجه كل هؤلاء الأوغاد: كفى من قتل الأبرياء،أيها المجرمون !

رحم الله كل المدنيين الذين قتلوا في هاته الحرب الجديدة، والخزي والعار لمن يشجع على قتلهم ومواصلة هذاالقتل، من أي جهة كان.