لغزيوي يكتب: صحافة وسخافة !

بقلم:المختار لغزيوي الأحد 15 أكتوبر 2023
No Image

معركة الإعلام في لحظات احتقان سياسي مثل التي تمر بها "الأمة"، معركة حاسمة للغاية. ومع احترامنالبعض (الإعلام)، وإن كان لايستحق الاحترام، إلا أنه من اللازم قولها: لايمكن أن نربح معركة تحرير فلسطين،ولا أي معركة أخرى قربها أو قبلها أو بعدها، بصحافيين يكتبون مقالات أو ينجزون برامج حوارية معضيوفهم دون أن "يتناول" أي واحد من الجانبين "الدوا".

لابد من قليل عقل، ولابد من بعض حكمة، ولامفر من إبعاد المجانين (شافى الله كل مرضانا) من اللعب بالميدان،لأن أفعال وأقوال العقلاء يجب أن تصان عن العبث.

وبإعلام مثل الذي نطالعه (والله يعلم أنني لاأستثني نفسي، بل ولا أستثني أحدا) لايمكن إطلاقا أن نحلم بأنيأخذنا الرأي العالمي يوما على محمل الجد، أو ينقل عنا أخبارنا ومقالاتنا وحواراتنا (الحرارية) - منالحرارة أو مايسميه المغاربة "السخانة" التي تسبب الهذيان - ويستحيل طبعا أن نرى أجانب ينسبون فيقصاصاتهم إلى هذا الإعلام سبقا أو خبرا حصريا أو "سكوبا"، غير "السكوبي والريح" الذي يتميز به بنوالجلدة من المعتدين على هذا الميدان الذي كان نبيلا وكان كبيرا وكان ذا قيمة في وقت من الأوقات، قبل أنتدهسه الحوافر، ويصبح على الحال الذي هو عليه اليوم، وياليتها كانت حوافر جياد أو أحصنة من العرقالأصيل غير المختلط، ولااعتراض طبعا وكالعادة وفي كل الأحوال.

وبعيدا عن الندب وأدواته، والبكاء لتحول الميدان إلى مارستان يستضيف فيه من رفع عنه القلم من رفعتعنهم كل الأشياء، ويحاور فيه المجنون ليلاه وهو فقط "ملوح" وليس قيسا ولا أباه، وجب علينا مجددا -نحنالذين لم نفقد الأمل في عودة العقل يوما إلى باحة الاستراحة هاته المسماة صحافتنا - طرح السؤال : إلىمتى؟ وكيف نقنع الآخرين أننا بحمق مثل هذا تحركه الغيرة المرضية وبقية الأحقاد، نستطيع ذات يوم أننوصل أصوات رأينا العام إلى الجميع؟

كيف سأدخل إلى ذهن سياسي أجنبي أو صحافي من الدول التي لديها باع في المجال أن مايراه فيالأنترنيت باسم صحافة بلادي هو صحافة في نهاية المطاف تشبه مايمارس لديهما معا؟

كيف أقنعهما معا أن استغناءنا في عالم الصحافة المغربية، عن اختبار السلامة العقلية وضرورة النجاح فيهلأجل ممارستها، هو استغناء في صالح هاته الصحافة نريد به فتح المجال، ليس فقط لمن هي ودب، ولكن لكلمن يشتبه في إمكانية تورطه في اقتراف أو ارتكاب شيء ما، ووضعه على رؤوسنا بكل افتخار، والوقوفهناك على الرصيف المقابل متأملا بكل افتخار ماصنع؟

ثم كيف أشرح لنفسي بعد أن مضى من العمر أغلبه أن الصحافة التي أحببناها ذات يوم، وتورطنا فيعشقها بسبب هذا الحب ماتت مع من ماتوا، وأننا فقط بقينا عالقين في شراك هؤلاء الحمقى الذينلايستطيعون إلا هذا الحمق الشرير بسبب انعدام الموهبة فقط لاغير؟

كيف نعزي النفس؟

كيف نواسيها في مصابها الجلل؟

هذه الأسئلة، حارقة، مؤرقة، مؤلمة، ولو استسلم المرء بجدية كاملة لأثرها المباشر، لمااستطاع البقاء على وجههذه البسيطة دقيقة واحدة من الوقت.

لحسن الحظ لدينا ترياقها، وطريقة مواجهة أثرها اللعين: السخرية من الحمقى الذين تسببوا في هوان هاتهالمهنة، والذين استباحوا حرماتها، واقتحموا ساحاتها دون "إحم ولادستور"، ثم الحرص عكسهم على تناول"الدوا" في الأوقات التي أوصى بها السيد الطبيب، صباحا وزوالا ثم حين العشاء...

ذلك هو السبيل الوحيد للمقاومة في انتظار أن يقضي الله سبحانه وتعالى الأمر المفعول الشهير. واللهملااعتراض وكفى.