“Douce” France !

بقلم: المختار لغزيوي الجمعة 22 سبتمبر 2023
French President Emmanuel Macron delivers a speech during the opening ceremony of the France 2023 Rugby World Cup ahead of the Pool A match between France and New Zealand at the Stade de France in Saint-Denis, on the outskirts of Paris on September 8, 2023. (Photo by Anne-Christine POUJOULAT / AFP)
French President Emmanuel Macron delivers a speech during the opening ceremony of the France 2023 Rugby World Cup ahead of the Pool A match between France and New Zealand at the Stade de France in Saint-Denis, on the outskirts of Paris on September 8, 2023. (Photo by Anne-Christine POUJOULAT / AFP)

مضى ذلك الزمن الذي كان فيه مقال في جريدة أو مجلة فرنسية، أوروبرتاج يسمي نفسه تحقيقا في قناة من نفس البلد، عن بلدنايعني للمغرب شيئا. وأتى زمن فهمنا فيه أن أدواء، أي أمراض،الصحافة في بلاد موليير أكبر بكثير من عللها هنا، طالما أن حجمها ومكانتها هناك هي الأخرى أكبر.

ومنذ قضية الصحافيين المرتشيين المفضوحين من طرف المغرب، الذي أوصلهما العدالة، وحكمت عليهما بالإدانة، فهم المغاربة أن كثيرا من مقالات الذم التي تنشر في باريس عن المغرب تريد أشياء أخرى غيرالصحافة، وغير الإخبار، وغير إيصال المعلومة إلى الناس، وغير تنوير الرأي العام هنا وهناك.

هاته الأيام، ومنذ الزلزال الأليم الذي ضرب بلادنا الجمعة 8 شتنبر، وصلتنا (مساعدات) فرنسية وحيدة، هي وقاحة رئيس الجمهورية ماكرون الذي خاطب من أسماهم (المغربيين) - علما أن إسمنا هو المغاربة - مباشرة ،ثم الكثير و الكثير اللايتوقف من المقالات والروبرتاجات المتحاملة، التي تقطر عنصرية واستعلاء وقلة أدب تجاه المغرب والمغاربة، أو المغربيين...

قلنا في البدء إنها صدمة الاستغناء عن الفرنسيين في لحظة صعبة مثل هاته، والاكتفاء بمساعدة أصدقاء صادقين فعلا، وستمر. لكن الأمر لم يتوقف، والحالة ازدادت استفحالا، وصحافة فرنسا نسيت تماما أن هناك زلزالا عنيفا وكبيرا ضرب هذا البلد، وشمرت فقط عن ساعد الحقد لكي تنفث سموما، نعترف أننا لم نكن نعتقد أنها تسكن قلبها بهذه الكثرة المرعبة.

الآن السؤال: كيف التعامل مع حقد وكراهية وصلا هذا الحد غير المسبوق تجاه بلادنا وشعبنا من طرف فرنسا العنصرية؟

الجواب لدينا نحن على الأقل واضح جدا، وضوح الشمس "فنهار جميل"، مثلما قال أسد الأغنية المغربية ذات يوم: التجاهل، ومقابله في لغتنا المغربية الأم: النخال.

ومع التجاهل، هناك ما هو أفضل بكثير، ويزيد الحنق حنقا، ويضيف للحقد حقدا، ويصب على الكراهية والغل المزيد من مسبباتهما هناك في باريس والنواحي: العمل على تنمية بلادنا وناسنا، والضرب بمشاريع ملموسة، حقيقية، وبأرقام واضحة وكبيرة، مثل رقم 120مليار درهم الذي أعلنت عنه جلسة العمل الثانيةالتي ترأسها جلالة الملك الأربعاء الماضي، ميزانية لإعمار المناطق التي هزها الزلزال.

عندما يتأكد الاستعماريون العنصريون في إعلام فرنسا أننا لانعير بذاءاتهم أي اهتمام، ونعتبرها علامة قلة أدب وكفى، وأننا نعمل بعيدا عنهم لأجل بلادنا وشعبنا سيزدادون حنقا وحمقا وجنونا، وسيقتلهم حقدهم، والسلام.

وعلى فكرة، الرأي العام الفرنسي يعرف جيدا طبيعة الصحافة هناك، ويعرف أن طبقا من "كعب غزال" ورشفةشاي منعنع، مع ظرف ممتلئ صغير، هي أمور كانت قادرة في زمن آخر على تغيير خط تحريري من العكس إلى العكس، لذلك لابأس.

سنقول مثلما تقول إفريقيا كلها اليوم: حان الوقت لكي تختار فرنسا واحدة من ضفتين: إما التخلي عن عقليتها الاستعمارية /العنصرية، والنظر إلى هذا الجنوب نظرة الند للند، والشريك للشريك، والصديق حقا للصديق، وإما انتظار مشهد طرد السفير الفرنسي في كل دول القارة الواحد بعد الآخر، مثلما وقع في النيجر وبوركينا فاصو ومالي، والباقي ينتظر الدور.

إنها تصفية الاستعمار الحقيقية، وهذه المرة هي تتم بتنسيق تام بين شعوب القارة وقادتها.

وللأمانة، وبعد مرور خمسين سنة ويزيد عن الماضي الاستعماري الأليم الذي كتبته فرنسا بجنودها وسلاحها، يمكن القول إن الوقت قد حان فعلا للانتهاء من هذا الفصل المحزن une fois pour toute مثلمايقول الفرنسيون أنفسهم، أو مرة واحدة وإلى الأبد، مثلما نقول نحن "العربوفونيون" اللطفاء.