حجاج: هناك رغبة ملكية في تحويل محنة الزلزال إلى فرص واعدة للتنمية المجالية مع تثمين ثقافتنا الوطنية

سكينة بنزين الخميس 21 سبتمبر 2023
No Image

أحداث أنفو

مشاهد محملة بالكثير من الدروس والعبر ومؤشرات ملتبسة تحمل التوجس والأمل فوق أنقاض ذلك الدمار غير المسبوق الذي عاشته منطقة الحوز والنواحي بعد زلزال الجمعة 8 شتنبر، الذي هزت ارتداداته المادية كما المعنوية كل أقاليم المملكة التي هبت لتقديم العون تحت واجب الأخوة وتمغرابيت، ما دفع عددا من الأصوات إلى المناداة بجعل هذا الحدث المحزن، فرصة لوضع المنطقة تحت الضوء، بعد عقود من التهميش والوعود الانتخابية بغد أفضل طال انتظاره.

زلزال الحوز .. من محنة إلى منحة منتظرة


المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، محيي الدين حجاج، يرى أنه « ربما من حكمة الله تعالى أن تتحول محنة الزلزال إلى منحة تخرج المنطقة من عقود من الحرمان المرتبط أساسا بضعف العدالة المجالية، ومن خلال تتبع أهم التوجيهات الملكية السامية التي أعقبت هذه المحنة، يمكن القول بأن المنطقة ستعرف تحولا جذريا سيصاحب مرحلة إعادة الإعمار و يغير من الوضع التنموي بالمنطقة ، مع الأخذ بعين الإعتبار الغلاف المالي الذي أمر به صاحب الجلالة لهذه العملية، و البالغ 120 مليار درهم، و هو ما يؤكد أن لجلالته رغبة كبيرة في جعل المنطقة نموذجًا ليس وطنيا فقط ، بل دوليا يحتذى به مستقبلا في طرق إعادة إعمار المناطق المنكوبة و تحويل المحن الطبيعية إلى فرص واعدة للتنمية المجالية «.

كم الدمار المنبعث من المنطقة، لم ينجح في طمس ملامح شخصية مغاربة هذا الحيز الجغرافي من المملكة، حيث وثقت العديد من الفيديوهات لصلابة الضحايا وتسليمهم لقدر الله بطريقة أثارت الكثير من الإعجاب والتنويه بقوة وإرادة ذلك العامل البشري الذي حرص جلالة الملك على التأكيد بضرورة مراعاة خصوصيته وتقاليده، ويرى حجاج أن هذه العزيمة الكبيرة التي يتحلى بها سكان المنطقة، ليست بالغريبة عن ثقافتنا الوطنية،« فالأمة المغربية بطبيعتها و تاريخها استطاعت صقل شخصية فريدة مزجت بين قوة المعتقد الديني و الثقافة الأمازيغية الضاربة في أعماق تاريخنا الوطني، ما أعطانا هذه الشخصية التي رأيناها تتكرر طيلة الأيام الأولى من الزلزال، فالشخصية المغربية التي رأيناها ما هي إلا نتاج تفاعل ثقافة وطنية علينا جميعًا تثمينها و جعلها أساسًا للسياسات العمومية و التشريعية الوطنية، و خصوصًا في مجالات أساسية و أذكر منها التعليم و الثقافة و الإعلام «.

حملة الأبواق الأجنبية


وأكد المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، في حديثه لموقع أحداث أنفو، أنه «من الواجب علينا غرس هذه القيم في صفوف الناشئة أولا باعتبارها صمام أمان أمام موجات الإغتراب و الإستلاب، و ثانيا لأننا في الأوقات الصعبة نكون أشد احتياجًا لثقافتنا الوطنية التي رأينا لها عنوانين بارزين خلال محنة الزلزال و هما الصبر و التضامن الممزوجين بالثقة المطلقة في تجاوز المحنة بروح وطنية أبهرت العالم، و هو ما لم يغب عن التوجيهات الملكية السامية التي أكدت على ضرورة مراعاة الخصوصية و التقاليد في مرحلة إعادة الإعمار، بل و الحقيقة أن صاحب الجلالة ما فتئ يوكد على أهمية الثقافة الأمازيغية منذ اعتلائه للعرش، بداية بخطاب أجدير التاريخي، و وصولا لإقرار رأس السنة الامازيغية ، و بذلك فهذا ليس غريبا عن الرؤية الملكية السامية«.

أجواء الثقة المنبعثة من نفوس تلملم جراح الدمار، ومشاهد التلاحم التي جعلت نصب عينها أولوية واحدة تمثلت في تجاوز المحنة في أسرع وقت تحت توجيهات ملكية صارمة ورؤية بنيت في وقت قياسي عقب ساعات من الفاجعة، وتبعا للحاجات التي يفرضها الميدان أولا بأول، سرعت من وتيرة بعض المحاولات البائسة للتشويش على هذا المشهد الذي جمع شتاته شخص الملك في أكثر من مناسبة، كتلك العبارة العفوية التي أطلقها شيخ وهو يمر بجانب صورة الملك المعلقة على ما بقي من جدار مدمر: "الله يخليه لينا بلاما يعطينا، هذا راه هو الزرب (السياج) ديال البلاد، بلا بيه يضربها الخلا" ،أو تلك الصور للأسرة الملكية المعلقة وسط بيوت مهدمة بمجاهل دواوير تصنف بخانة المغرب المنسي.

وتعليقا على الموضوع، أكد محيي الدين حجاج، «أن حملة الهجوم على شخص صاحب الجلالة من طرف بعض الأبواق الأجنبية، لم تكن وليدة الزلزال، و لكنها عبارة عن مسلسل بدء منذ سنوات، هذا المسلسل الذي تمت كتابة أغلب حلقاته من محبرة الماضي الإستعماري . أما رغبة هؤلاء - واهمين - في كسر الإرتباط الوثيق بين العرش و الشعب، واستغلال الفرص و النفخ فيها و تحريفها ، و لنا في زلزال الحوز نماذج كثيرة ، حتى أن بعض صحفهم سقطت سقطات أخلاقية فادحة بالكذب على الأحياء و تصدير أعدادها بعناوين لا أساس لها.

ما يؤكد بأن هؤلاء أبعد ما يكونون عن فهم الواقع المغربي ، فما بالك أن يفهموا نوع الميثاق الذي يربط الأمة المغربية بقائدها و رمز وحدتها ، و هم بذلك لن يكونوا لا أكثر ذكاءاً و لا قوة من السلطات الإستعمارية التي حاولت نفي الراحل محمد الخامس طيب الله ثراه، و كيف حول المغاربة ذلك إلى مسمار دقوا به نعش فرنسا بالمغرب، و اليوم كما الأمس فالأمة المغربية مرتبطة أشد الإرتباط بأمير المؤمنين حفظه الله ، و ستتكسر هذه الحملات الجبانة على صخرة الواقع المغربي مثل ما تكسرت سابقاتها ، و مما يجب أن نلفت النظر إليه أن هذه الفقاعات الإعلامية لا يجب أن تلهينا في شيء عن استكمال مسار الإعمار و التنمية التي ستكون خير جواب لمن لم يفهموا بعد أن المغرب قد استقل سنة 1956 ، و أن أية محاولات للدخول دون طرق البيت من بابه الكبير لن تزيدهم إلا هوانًا و لن تزيد المغرب و صاحب الجلالة إلا شموخًا

الزلزال محطة خارج الاصطفافات


التماسك الداخلي الذي كشف عن معدن جزء كبير من المغاربة، رغم تسجيل بعض التجاوزات التي كشفت عن الوجه البشع لتجار الأزمات ومستغلي النكبات، دفع بعض الأصوات المحتفية بهبة المغاربة أفرادا ومؤسسات وجمعيات، إلى انتقاد الحكومة بسبب غياب التواصل وعدم التواجد في الميدان الذي تهافت عليه المؤثرون وعموم المواطنين،بينما غاب السياسيون وقادة الأحزاب، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، حجاج، اعتبر أن « محطة مثل محطة الزلزال يجب أن تكون خارج أي اصطفافات أو ضرب تحت الحزام للحكومة أو لغيرها، و بخصوص الحزب فقد عبر عن تضامنه مباشرة بعد هذا الحدث الأليم ، شأنه شأن كل القوى الحية الوطنية التي لا يمكن إلا أن تتألم لهذا الحدث الأليم، كما تم توجيه النداء لمناضلي الحزب كل من موقعه للمساهمة في تقديم المساعدة للمنكوبين، و ليس بالضرورة أن يتم توثيق ذلك و جعله مادة للتباهي، ففي نهاية المطاف القصد هو مساعدة المتضررين و حفظ كرامتهم

وردا على الانتقادات التي طالت أخنوش، قال حجاج " رئيس الحكومة كان حاضرا منذ الإجتماع الأول الذي عقده صاحب الجلالة لتتبع عمليات الإنقاذ و توفير الإحتياجات اللازمة، و هو ما تكرر في اجتماعات اخرى سواء تلك التي ترأسها صاحب الجلالة حفظه الله ، أو تلك المتعلقة باللجنة بين وزارية، و الأهم في الأمر و الذي يجب أن يستوعبه الجميع ، أن القوات المسلحة الملكية قد شرفت كل المغاربة بجودة تدخلها و فعاليتها الكبيرة في عمليات الإنقاذ و توزيع المساعدات، و أن مهام الحكومة بالأساس هي تنزيل توجيهات صاحب الجلالة بطريقة فعالة«.