الإنسان والأركان بالمغرب ... عمل متفرد يتتبع تاريخ المغرب عبر غطائه النباتي

سكينة بنزين الثلاثاء 06 يونيو 2023
No Image

AHDATH.INFO - الرباط

هناك أوجه أخرى يمكن تناولها عند الحديث عن شجرة الأركان التي يتم عادة الحديث عنها في سياق بيئي، لكن الكتاب الذي نقدمه اليوم يتناول جوانب متعددة تسلط الضوء على شجرة الأركان باعتبارها إرثا إنسانيا ورمزا ثقافيا مغربيا بامتياز" يقول الناشر محمد رزقي، خلال ندوة لتقديم كتاب " الاركان والانسان بالمغرب " خلال فعاليات النسخة .. للمعرض الدولي للكتاب اليوم الثلاثاء .

الناشر أكد أن الدار انخرطت في هذا العمل إيمانا منها بجهود مؤلفيه على إظهار الوجه الحقيقي لشجرة الاركان الذي يتجاوز الجانب الضيق المرتبط عادة بالحديث عن التنمية والخصائص الجمالية والغذائية، وذلك نحو تناول أعمق وأغنى يروم تتبع غائية هذه الشجرة لحفظها من الضياع.

منسق هذا العمل ، محمد بنيدير، الباحث بمركز "تيملت للبحث والتوثيق"، نوه خلال تقديم تقني للكتاب بالجهات المتعددة التي ساهمت في إخراجه للوجود، سولء تعلق الأمر بتوفير المادة العلمية التي تنهل من التاريخ عبر مسارات متعددة غطت حيزا زمنيا شاسعا، إلى جانب طاقات في البحث والعمل الجمعوي والفاعلين السياسين، مشيرا إلى بصمة كل من جامعة ابن طفيل، و ماستر التراث الثقافي والأركولوجي والسياحي، و دعم المجلس الإقليمي تيزنيت، وجماعة تافراوت و جماعة انمل ... وفي إطار الحرص الشديد على جدية البحث واستحضاره للمعايير العلمية ، تم انتداب لجنة تحكيم للتثبت من صحة المعلومات الواردة في المؤلف المكون من 432 صفحة ، والمتضمن لتلاث محاور رئيسية تناولت شجرة الأركان وفق تصور تراثي اعتمد على مصادر تاريخية، مع استحضار البعد الأركيولوجي.

المحور الثاني من الكتابد تناول الأركان ضمن ثقافة الساكنة مستحضرا البعد الميثولوجي، بينما ركز المحور الثالث على الجانب الأدبي والموروث المحلي الشفهي من شعر وقصة وأمثلة وغناء ... وهي الجوانب المفقودة عادة عند تناول شجرة الأركان، ما يعني حسب المنسق، أن هذا العمل كان محاولة جادة لتغطية الخصاص في تناول شجرة الأركان.

من جهتها، تحدثت خديجة الراجي، التي ساهمت في هذا المؤلف بإسهاب عن العديد من الجوانب المرتبطة بالأركان، والتي أنتجت على مدار قرون تراثا غنيا نتيجة تفاعل الإنسان مع هذه الشجرة التي شكلت جزء مهما من محيطه، حتى أصبحت رمزا للتراث الأمازيغي، منوهة بدر الأركولوجية النباتية في فتح صفحة للتأريخ، مضيفة أن الاشتغال على الموضوع تطلب تتبعا تاريخيا من مصادر بمختلف اللغات، إلى جانب كتب الرحالة ونوازل الفقه المغربي والفتاوى التي تحدثت عن حكم إخراج زكاة الأركان، ما يحيل على المسار الشرعي للبحث.

الراجي أشارت أيضا للكتب التي أشارت للمنازعات التي عرفتها أراضي الأركان، ولمحاولات نقلها خارج المغرب وفق ما وثقته الكتابات الغربية، إلى جانب البعد الغرائبي الذي يجمع بين القداسة والقوة والخرافة وغيرها من التيمات التي تحفل بها منطقة سوس وغير من الصلات الممتدة نحو الصويرة وحاحا حيث يصبح لأركان انعكاس في يوميات الناس وقصور السلاطين، والحكايات والأشعار والمنازعات التي تعكس ما تعنيه شجرة الأركان ضمن نظام الملكيات الزراعية، كما تطرقت الباحثة للامتدادت الجغرافية للشجرة التي دعا بعض المشاركين بوسمها بالمباركة، خاصة لارتباطها بالزوايا وعدد من طقوس الضيافة وكرم أهل المنطقة، ما يجعل منها شجرة فريدة تحتاج للمزيد من البحث والتنقيب مع الدعوة لتضافر الجهود من أجل حمايتها والاعتناء بها.

سعيد البوزيدي، أستاذ الحضارة والتاريخ بجامعة ابن طفيل، نوه بدوره بجدية الكتاب وتفرده، مشيرا أن له القدرة على شد القارئ لما يحمله من معطيات غنية ورؤية تناول جديدة، تتجاوز الطابع التجميلي والغذائي نحو استنطاق للتاريخ والتراث عبر الغطاء النباتي، داعيا الباحثين الشباب للاستفادة من هذا العمل لتسليط الضوء على مختلف الأشجار والنباتات بالمغرب، عبر البحث عن المواضيع المنسية في هذا التناول الذي يفتح بابا جديدا لكتابة تاريخ المغرب والتصالح مع مختلف جهاته.

تجدر الاشارة أن الباحثين يعكفون مجددا على تأليف الجزء الثاني للكتاب، يتناولون فيه الجانب التنموي و الاجتماعي للشجرة، وما يمكن أن تشكله من فرص للنهوض بمناطق زراعتها.