أي دمعة حزن…!!!

بقلم:المختار لغزيوي السبت 29 أبريل 2023
No Image

يروقني كثيرا، في أوقات الفراغ طبعا، أن أقرأ لمن يتباكون على حال صحافتنا المغربية، نعيهم لنا، وشفقتهم علينا، وإحساسهم بغبننا، وشعورهم أن المسكينة، الحرفة التي كانت تسمى سابقا صاحبة الجلالة في بلادنا، قد أصبحت يتيمة، مستكينة، مهانة، لاقبل لها بشيء، وغير صالحة إلا للإلقاء في سلة النفايات.

يقولون لنا على سبيل الاحتفاء والاحتفال المبالغ فيهما بنا، إن كل أوراقنا لم تعد تصلح إلا لمسح زجاج السيارات، ويؤكدون أن الصحافة الحقيقية ذهبت مع العظام (من العظمة مع أنها لله وحده، وليس من صنو اللحم في جسد الإنسان)، وأن من تبقوا في الميدان اليوم، هم النطيحة، ومعها زميلتها المتردية، برفقة بقية الزملاء ممن عاف السبع، (الأسد وليس رمز الحزب المغربي العجيب).

يروقني الاطلاع على هاته المرثيات الحزينة، الصادقة، المتألمة لوجه الله لحال صحافتنا، خصوصا حين تكون مكتوبة من محبرة أخرى غير الغيظ والحقد والحسد وبقية المشاعر الإنسانية العادية جدا، والطبيعية جدا، والآدمية جدا، والتي تعبر كل واحد وكل واحدة منا ساعات الضيق، وما أكثرها.

وعكس من يغضبون من هاته الانتقادات وحدتها، أرى فيها دليل غيرة - وإن كاذبة أو مدعية - على حالصحافتنا المغربية، وألمح في دواخل دواخلها، وإن بصعوبة، إرادة من طرف هؤلاء (البكاية علينا) في التوفر ذات يوم (حتى هوما) على جرائد عالمية أو كالعالمية، تنافس العناوين الدولية الكبرى في تقديم أفضل المنتوج الصحفي للقارئ المغربي الكريم الذي يستحق الأفضل والأجود والأحسن بطبيعة الحال.

وحتى عندما يقول لنا هواة الرثاء، رثاء مهنتنا وندبها المسكينة أنها علقت بين أيدينا، ويصفوننا بالأميين والأدعياء والحثالة، ويعتبروننا مجرد "مسخرين"، نتحرك بالتيلكوماند، ويؤكدون أننا لم نمر من مدرسة،ولم نعبر جامعة أو معهدا، عكس من سبقونا في الميدان، ويصرون على أن أخلاقنا متردية، وأننا (بعناالماتش) بل قايضنا البطولة كلها ببعض من متاع دنيوي عابر، لا أرى في الأمر كله إلا تطبيقا للمثل الفرنسي الجميل "من يحب كثيرا يعاتب كثيرا".

وهؤلاء الباكون علينا وعلى مهنتنا، جازاهم الله خير الجزاء، يحبوننا ويذوبون في ثناياها، لذلك لايتوففون عن شتمنا، ولايترددون في سبنا آناء الليل وأطراف النهار، لأنهم يعتقدون أن هذه هي الوسيلة المثلى لتقويم اعوجاجنا وإصلاح حالنا، والانتقال بنا من حال إلى حال.

وكم كان أحد قيدومي الميدان، (من محترميه حاليا، بل مقدسيه الآن، مع أنه ممن كانوا يتعرضون للانتقادالحاد القاسي الشرس الظالم والمتجني، حين كان يشتغل) صادقا ومقنعا معي، وهو يقول لي بصدد نقاش من قبيل هذا الندب لنا، والبكاء علينا، ووصفنا بأقذع الأوصاف من طرف الغيورين علينا، لا منا: "صدقني"آولدي"، سيحبونكم عندما تموتون أو عندما تتوقفون عن الاشتغال، وليس مستبعدا أن يكتبوا في حقكم قصائد المديح المداهن الكاذبة دون أدنى إشكال".

سألته : "وما الحل أستاذي؟"

أجاب : "لاتموتوا، واحرصوا على الاستمرار في الاشتغال، أصيبوا مرة ومارسوا حقكم في الخطأ مرات ومرات . المهم افعلوا ذلك بحسن نية، وادرسوا وواصلوا تكوين أنفسكم، وممارسة المهنة التي تحبون، واتركوالهم هم ممارسة الهواية التي يجدون فيها كل الراحة والارتياح: البكاء ثم العويل".

قلت له "آمين"، وقررت مواصلة المسير...وصافي.