طالع السعود الأطلسي يرثي رفيقه رشيد جبوج: إنجازاتك غير قابلة للدفن ولن يمحوها النسيان

الأحداث المغربية الخميس 30 مارس 2023
No Image

خلال مراسم دفن الفقيد رشيد جبوج، مساء الأربعاء ٢٩ مارس الجاري، ألقى رفيق عمره،في النضال والصحافة وفي الحياة،الصحفي والكاتب طالع السعود الأطلسي،كلمة تأبينية، جاء فيها :

" السادة ذوي العزيز، فقيدنا رشيد جبوج، ابناه وأخواه وأفراد عائلته الحاضرون في هذا التوديع،السادة من عائلته النضالية وهم قرابته السياسية ويتقدمهم أخونا الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس لشكر ومعه أعضاء المكتب السياسي للحزب، اسمحوا لي بهذه المناجاة أمامكم في هذا الجمع الحزين، مخاطبا فقيدنا...

أخي ورفيقي وزميلي رشيد، تشاركنا الحياة لحوالي 55 سنة، أزيد من نصف قرن، هي حياة، روضنا خيالاتنا فيها على اختراق براري الفرح وعلى اجتياز فيافي الألم، ولم نتخيل قط أنفسنا في مثل هذا الوضع، أنت مسجى تطل على روابي النأي إلى ما وراء الأفق، وأنا أمامك وأنت تنفلت مني، بينما يشتد علي وجع لسعات الفراق...كنا طوال هذا العمر المشترك، والزاخر بالأحلام ، الأمنيات، الانتصارات، المباهج، الانكسارات والآلام، كنا نرتشف الحياة بكل عذوبتها، ونحلي مرارتها بدفقات الأمل والتفاؤل، وهي التي كانت من صميم إرادتنا ومن جوهر ثقافتنا، لم يكن لنا متسع ولم نكن مستعدين كي نفسح للموت أي انحشار في خيالاتنا ..

أخي ورفيقي رشيد، اليوم لا ندفنك، أنت عصي على الدفن، نعم، أتعبك الجسد وضقت به، وها قد تخلصت منه، وحررت روحك من الحجر الجسدي، لتحلق في تلك الفضاءات التي نسجتها، بين ذويك وأقربائك، من عائلتك، من أصدقائك ومن رفاقك، فضاءات المحبة بك، معك، ولك . نحن الآن، إنما، نغرسك في تربة وطنك، نغرسك نبتة " جبوجية "، والتي بها تثمر دوحات وهي فواحات بعطور الأمل، ومثمرات بكل ما يحفز على العمل... القيم التي اهتديت بها في حياتك، وصنتها، هي حية ولا تدفن...ذكريات حيويتك، حيث ما كنت لا تموت ولا تطمر، إسهاماتك في المتعدد من انخراطك في السعي الوطني العام للتقدم... وقد كنت مناضلا نقابيا في الاتحاد المغربي للشغل، مناضلا سياسيا في 23 مارس، في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، في الحزب الاشتراكي الديمقراطي وأخيرا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية... مبدعا مسرحيا، مؤلفا وممثلا...صحفيا في جريدة " أنوال "... وفاعلا في إدارة المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء... كل تلك المجهودات، وتلك المنجزات، لا يمكن دفنها، وغير قابلة للمحو ولن يطالها غبار النسيان..

أراك الآن وأنت تنفلت من قبرك، كنت تكره الضيق وتنفر من العتمات، كنت تحب الحياة، وتتلذذنشواتها، عبر أناقة تعاطيك معها . كان الفرح عقيدتك، به تمارس إنسانيتك وبه تعقمها، لك ولمن هم حواليك... والأهم، بذلك الفرح تحيا وطنيتك... الوطن عندك فرح ومحبة وانشراح وألق. الوطن يستأثر اليوم بجسدك ويخبئه في ثراه، ويزودك بطاقات الانصهار في المجرى الخالد والمتدفق للذاكرة الوطنية ..

طوبى لك، أبناؤك الثلاثة، يونس، الطيب وهاجر، يحمدون لك اليوم ودائما أنك نحثتهم بإزميل النجاح،وشحنتهم بقدرة العطاء السخي لوطنهم...رفيقة حياتك، أختنا الكاتبة بديعة الراضي، تلهج بالامتنان لك على إسنادها بحرارة معنوياتك . طوبى لك، أمك راضية عليك وقد قابلت حنانها بدافئ برك بها وكل ذويك ورفاقك ومعارفك يتدفؤون اليوم، ضد صقيع الفقد، بتلك المحبة التي تواصلت بها معهم، وبما استودعتهم من جرعات ومقاطع من لطفك ومن فرحك..

لك منا قبلات العرفان وصادق مشاعر الامتنان...اذهب وأنت تنساب مطمئنا إلى شساعة الخلود في ذاكرة الوفاء".

طالع السعود الأطلسي

الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠٢٣