ملتقى تشاوري حول مقاربة توطين التوقعات المناخية والحد من المخاطر

محمد التفراوتي السبت 18 مارس 2023
No Image

أسدل الستار عن أشغال الندوة الإشعاعية المنظمة من قبل مختبر الترابوالبيئة والتنمية-كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بجامعة ابن طفيلبالقنيطرة، وجمعية النادي المغربي للبيئة والتنمية، يوم الخميس الماضي،9مارس 2033 حول موضوع " توطين التوقعات المناخية والحد من مخاطرالكوارث."

ويندرج الملتقى في سياق مرامي الشبكة العالمية لمنظمات المجتمع المدنيللحد من مخاطر الكوارث ، وكذا الحوار والتعاون بين الشبكة والمجتمعالعلمي ، وذلك بغية تقوية الحوار والتعاون بينها كمنظمة دولية وبين كل منالباحثين الأكاديميين وخبراء المناخ والأرصاد الجوية والفاعلين المحليينوالمجتمع المدني.

وياتي تنظيم هذا النشاط لتعزيز الحوار بين المشاركين حول كيفية تبسيطونقل المعرفة والمعلومات العلمية، المتعلقة بالطقس والمناخ والحد من مخاطرالمناخ، إلى المجتمعات المحلية. وتم تقديم دليل تمت صياغته من قبل الشبكةالعالمية لمنظمات المجتمع المدني للحد من مخاطر الكوارث .

وأبرز الملتقى التكامل بين المعرفة المعرفة المحلية والعلمية في مسائل توقعاتتغير المناخ والحد من المخاطر. و أظهر كيفية ضمان المشاركة النشطةللمجتمعات المحلية في مجال الوقاية من المخاطر من خلال الاستفادة مندليل "توطين الإسقاطات المناخية". وتفاعل المشاركون من خلال مناقشاتمستفيضة حول كيفية التوعية بإرشادات "الدليل" وتطبيقه من قبلالمجتمعات المحلية.

وساهم اللقاء في نسج أواصر التعاون بين مختلف الأطراف المعنية بموضوعمواجهة مخاطر الكوارث، كل من زاوية تخصصه، كما عمل على تحفيزالفاعلين وإرشادهم للعمل على توطين التوقعات المناخية من خلال توظيفالمعارف التقنية والعلمية والمعارف والمهارات المجتمعية المحلية مع القيامبالتنبؤات المناخية للحد من مخاطر الكوارث.

وأكد السيد عبد الصادق بلفقيه أن تنظيم هذا الملتقى العلمي هو ثمرة تعاونبين مختبر التراب البيئة والتنمية التابع لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعيةبجامعة ابن طفيل والنادي المغربي للبيئة والتنمية الذي ينتمي للشبكة العالميةلمنظمات المجتمع المدني للحد من أخطار الكوارث.

ويعنبر موضوع التغيرات المناخية والمخاطر الناجمة عنها وطرق تدبيرهامحور اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، سواء على مستوى البحثالعلمي في الجامعات ومراكز البحث التي تقوم بدراسة هذه الظاهرةوتفسيرها أو على مستوى السياسات العمومية التي تحاول ملائمة برامجهاومخططاتها مع هذا المتغير، وتشارك جمعيات المجتمع المدني في تأطيرالمجتمع وتحسيسه بهذه التغيرات وكيفية التكيف معها، مع مراعاة المجتمعاتالمحلية وموروثها الثقافي ومختلف التقاليد والأعراف .وقال الدكتور بلفقيه أنراهنية الندوة تأتي في إطار سياق نقاش عالمي ووطني حول موضوعالتغيرات المناخية والحد من المخاطر لمحاولة الربط بين المعرفة العلمية وثقافاتالمجتمعات المحلية وللخروج بتصور متكامل لكيفية تدبير المخاطر المحتملةالناجمة عن التغيرات المناخية.

وأطر نقاش الملتقى الدكتور محمد فتوحي ممثل الشبكة العالمية لمنظماتالمجتمع المدني للحد من مخاطر الكوارث ، ورئيس والنادي المغربي للبيئةوالتنمية متناولا المخرجات التي يستوجب بلوغها. وتحديد التوقعات المناخيةالتي تدعو إلى المواجهة والصمود وترجمة التصورات ومختلف الافكار علىأرض الواقع وإشراك الفاعلون كل من زاوية تخصصه في إلتقائية تامةوتنسيق مسؤول .

وأكد فتوحي على دور الحوار وتقاسم المعرفة وإشراك الفاعل المحلي منمواطنين و مؤسسات معنية بمقاربة ميدانية تروم الأجرأة والنهج الميدانيعلى مستوى الصحة العامة والتنمية والغذاء. كما أن مواجهة المخاطرتستوجب ترسيخ المعرفة التقنية وإيصالها لكل المجتمعات المحلية وجعلهاصامدة عبر توفرها على المعلومة و حق الولوج إليها، التي يضمنها الدستور .

ودعا فتوحي الى التشبث بالوقاية لتجنب المخاطر، وكذا تبادل النقاش فيسياق المخاطر الذي يشهدها الحوض المتوسطي والتي يتدخل فيها الفاعلالبشري فضلا عن العامل الطبيعي .وبذلك وجب مقاربة القضايا التي تهمالمجتمع بترابط مع السياق الدولي والإقليمي .

وشهد الملتقى جلستين علميتين. وترأس الجلسة الأولى من الندوة الاستاذةلمياء البزاري،عن مختبر التراب والبيئة والتنمية بجامعة ابن طفيل والاستاذسعيد شكري عضو الشبكة العالمية لمنظمات المجتمع المدني للحد من مخاطرالكوارث.

وقدمت مداخلات علمية بينت بالدراسة والتحليل أهمية المزاوجة وخلقالتمفصل والإلتقائية بين المعرفة العالمة والخبرة العلمية من جهة، والمهاراتوالممارسات والمعارف الاجتماعية والمجتمعية المحلية. وتم تقديم دليل إرشاديحول الموضوع معد من قبل الشبكة العالمية لمنظمات المجتمع المدني للحد منمخاطر الكوارث، حيث وزع الدليل على المشاركين من من مختلف المشاربوالتخصصات ، إداريين ومجتمع مدني وجهات أكاديمية وطلبة وأساتذةورجال الإعلام وكذلك بعض الفلاحيين، الذين جاؤوا للإدلاء بشهاداتهم حولالكيفية التي تتعامل بها الثقافة الشعبية مع الأحوال الجوية والمناخية والحدمن المخاطر على المستوى المحلي.

وتحدث السيد ربيع مروشي عن مديرية الارصاد الجوية عن دور المعلوماتالميتورولوجية في الحد من المخاطر الجوية ومجال تدخل المديرية ومهمةالرصد بمختلف أبعاده ومجالاته.

وقدم كل من الأستاذين عيسى البوزيدي عن مختبر التراب والبيئة والتنمية ومحمد فتوحي عن النادي المغربي للبيئة والتنمية "دليل توطين التوقعاتالمناخية" المنجز من قبل الشبكة الدولية للحد من مخاطر الكوارث الطبيعيةليتم تقديم تشخيص للوضعية وعوامل القلق والمأمول القيام به ودور الفاعلينالمحليين، ذلك أن على مدى المائة عام الماضية، شهد كوكبنا الأرضي ، حسبتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC 2022)، زيادة فيدرجة الحرارة تقدر بنحو 0.6 درجة مئوية. وتوقع ارتفاع مستوى سطح البحرفي سنة 2100 ما يناهز 40 سنتيمتر. فمنذ الثورة الصناعية بلغ تركيز ثانيأكسيد الكربون في الغلاف الجوي نحو 41 في المائة في حين وصل معدلالأنواع المهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ إلى 20 في المائة. ورغم أنالبلدان النامية من ضمنها المغرب ذات مسؤولية محدودة على مستوىالانبعاثات الغازية لكن التأثير مثير للقلق.

وبموجب اتفاقية باريس ، توافق جميع البلدان على العمل للحد من ارتفاعدرجة الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة مئوية ، وبالنظر إلى المخاطرالشديدة ، تطلعت إلى 1.5 درجة مقابل درجة مئوية، مع تدابير "التكيفوالتخفيف" التي تشمل النطاق المحلي.

ولتمكين الجهات الفاعلة المحلية قيادة عملية مواجهة مخاطر المناخ ، أنتجتالشبكة العالمية لمنظمات المجتمع المدني للحد من مخاطر الكوارث أداة عمليةلتوطين التوقعات المناخية. وبذلك تم تقديم بإسهاب وتبسيط محتوى دليلالتوقعات المناخية ومجموعة من الأدوات التطبيقية الستة لتحديد مكانوتوقعات تغير المناخ. تتمكن الجهات الفاعلة المحلية من استيعاب الأبعادالمتعددة للمجتمعات المعرضة للخطر التي تواجهها. وبذلك يبقى بناء القدرةعلى الصمود الأكثر فعالية. ويبدو أن أفراد المجتمع الأكثر عرضة لخطرالكوارث، والمسؤولين الحكوميين المحليين ، وقادة المجتمع ومنظمات المجتمعالمدني ، في الخطوط الأمامية لهذه الأزمات. إن مشاركتهم في تخطيطوتنفيذ ومراجعة سياسات وإجراءات الحد من المخاطر أمر حيوي ، لكن نسبة84 في المائة من الفاعلين المحليين يقولون إنهم غير مشاركين في تقييمالتهديدات ، وإعداد السياسات والخطط ، واتخاذ إجراءات للحد منالتهديدات.

وقارب الأستاذ مبارك الطايعي عن مختبر التراب والبيئة والتنمية " الوقعالاجتماعي للمخاطر والأزمات ودور المجتمعات والمعارف المحلية في التصديوالمواجهة" متحدثا عن حتمية العلوم الطبيعية الحقة أمام المقاربةالسوسيولوحية والتوابث الاجتماعية المتعددة الأبعاد .وأشار إلى الرصيداللغوي عند المغاربة الزمن بين البعد إجتماعي والبعد الطبيعي ثم ذكر أنالكوارث والأوبئة ليست جديدة بل يتعايش ويتأقلم معها المجتمع. ويتعلم معهذه الظواهر مهارات محلية .

.واستعرض الأستاذ الطايعي تجرية الرحل بالمغرب والجماعات السلاليةنموذجا، متناول النظريات السيكولوجية المقاربة لإشكالية المخاطر، ومستحضرا نظرية "مجتمع المخاطر العالمي" لعالم الاجتماع "أولريش بيك" الذي يعرف مجتمع المخاطر بأنه "حالة من توافق الظروف أصبحت فيها فكرةإمكانية التحكم في الآثار الجانبية و الأخطار التي يفرضها اتخاذ القراراتمحل شك " كما عرض النظرية السوسيولوجية الفاعل والشبكة لعالمالاجماع "برونو لاتور"

(Bruno Latour) وإسقاطها تحليليا على النموذج المغربي .

واستعرض الاستاذ عزيز لبيهي عن مختبر التراب والبيئة والتنمية "الثقافةالاجتماعية ومقاومة لمخاطر التقلبات المناخية بدرعة الاوسط، مشيرا إلىبعض الممارسات الحكيمة والمهارات المبتكرة بقرى مغربية نائية .

وتناول الاستاذ محمد لعتريس عن مختبر التراب والبيئة والتنمية مختلف"المعارف المجتمعية التقليدية في مجال التوقعات الجوية وعلاقتها بالحد منمخاطر الكوارث". وعرض مختلف الثقافات المحلية التي تتكيف مع الظروفالمناخية وتتسم بالإبداع والابتكار وفق المنازل المناخية والطقوس الاجتماعيةالمحلية.

وقدم الاستاذ بوشتى الفلاح عن المعهد العلمي بالرباط "الارشيف المناخيبالمعهد العلمي فهم متجدد للتغيرات المناخية بشمال افريقيا" مستعرضاالمعطيات المناخية بالمغرب والبلدان المجاورة التي تم تجميعها من قبل المعهدالعلمي بالرباط قبل قرن، وهو الٱن على شكل أرشيف ضخم لم يتم استغلالهإلى جزئيا. كما أنه أصبح تراثا وطنيا كونه توصیف لأحوال الطقس التيسادت يوميا بالمغرب منذ سنة 1922.

وأكد الاستاذ الفلاح أنه بفضل هذا الارشيف تم وضع خريطة للتساقطاتوأخرى للطبقات الجيومناخية لازالتا مرجعين أساسين لكل من يدرس مناخالمغرب . وتناول، المتحدث نفسه، أرشيف سنوات ممتدة ما بين 1922 و 1952 ويقتصر وجودها على المعهد العلمى، في حين متوفرة ما بين سنوات 1953 و1992 بالمعهد العلمي وبمؤسسات اخرى لكن فى وضعية سيئة. و تتضمنالنشرة اليومية الضغوط الجوية ضمن خريطة شمولية ومقادير الأمطار. والحرارة وسرعة الرياح و حالة البحر. ثم توصيف لحالة الجو ضمن عمود"تغايري أديباتي" و توقعات اليوم الاحق. واسترسل الاستاذ الفلاح فياستعرض نماذج من وثائق جوية مشيرا إلى أن عددها يناهز 60.000 وثيقةجوية تقتضي التحقيق المفصل والمقارنة والمعالجة الرقمية والرياضية.

وخلص الأستاذ بوشتى الفلاح إلى أن أرشيف مناخ المغرب يمكن بلادنا منتراث يتعدى 100 سنة من الرصد الجوي .ويتجاوز مجال الرصد المغرب نحومجموع شمال افريقيا والصحراء وبلدان الساحل. يتتبع الضغوط الجويةالمؤثرة من الاسور، الصحراء المتوسط وإسلندا، ومخلفاتها الريحية شوقي،صحراوي ، غربي، قطبي ..

و يعتبر هذا الأرشيف مصدرا لا غنى عنه لمعرفة تطور المناخ الجهوي ومقاربةالتطورات المناخية عند التقاء النطاق "الشبه مداري" والمداري .

وهمت الجلسة الثانية تناول مجموعة من التصورات وفق "تقنية العصفالذهني" بغية توليد معارف مكنت من بلورة مجموعة من الأفكار والتوصياتحول سبل تحقيق التمفصل والتكامل بين المعارف التقنية والمعارف والمهاراتالمحلية.

وتناول المشاركون القيمة المضافة لدليل” توطين التوقعات المناخية ومجموعةأدواتها " وبحثوا سبل تبسيط ونشر المعرفة المتعلقة بتوطين الإسقاطاتالمناخية بالمجتمعات المعرضة للخطر.

وتدارس المشاركون مقاربات دمج التوقعات المناخية وسبل المواجهة علىمستوى مجالات تدخل المشاركين، من إدارة و جامعة و مجتمع مدني وإعلام. فضلا عن كيفية القيام بحملة تعبئة لتطبيق مقاربة "توطينالإسقاطات المناخية" من قبل المجتمعات المحلية المعرضة للخطر.

وحدد المشاركون خلال تدارس الموضوع توطين التوقعات المناخية والحد منالمخاطر مناقشة محور "التوقعات المناخية " عبر رصد المعطيات المناخيةالكمية والنوعية، وجمعها، ومعالجتها حسب تخصص مديرية الأرصاد الجويةالوطنية. ثم توظيف هذه المعطيات من طرف عدة مؤسسات حكومية وغيرحكومية لأغراض متعددة وعلى مستوى السلطات التشريعية والتنفيذية منخلال مراجعة التشريعات وملائمتها مع التغيرات المناخية وآثارها، ثم منجانب مراجعة المخططات والاستراتيجيات الخاصة بتدبير الموارد الطبيعيةوالكوارث على ضوء هذه المتغيرات، من قبيل المخطط الوطني للماء، مخططالفيضانات. وتنفيذ السياسات العمومية فيما يخص تدبير الموارد الطبيعيةوالحفاظ على البيئة. وتتبع النشرات الإدارية واتخاذ القرارات والإجراءاتالاستباقية لمواجهة المخاطر المحتملة، على مستوى السلطات الجهويةوالمحلية، ليأتي دور الجامعات و البحث العلمي و الإعلام، والمجتمع المدنيمن خلال تحليل المعطيات المناخية وتعميق البحث في الظواهر المرتبطةبالتغيرات المناخية والمخاطر المحتملة وتفسيرها و تقديم النتائج وسيناريوهاتتدبير المخاطر والتكيف مع آثار التغيرات المناخية. ووضع هذه النتائج رهنإشارة الرأي العام، وكذا استثمار المعلومة ونتائج البحث العلمي وتبسيطهاونشرها بين الساكنة لتحسيسهم بهذه المتغيرات وكيفية التكيف معها وكيفيةمواجهة المخاطر المحتملة.

وتناولت الجلسة النقاشية محور تدبير المخاطر، لتقارب بالدرس والتحليلتتعدد المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية من الجفاف، العجز المائي،الفيضانات، الحرائق ووجوب مواجهتها بتوقع المخاطر زمانيا ومكانيا و وضعسيناريوهات التدبير واتخاذ الإجراءات الاستباقية ثم إدماج الساكنة فيهذه سيناريوهات تدبير المخاطر قبل وقوعها وفي حالة وقوعها وبعد حدوثها .

واختتم اللقاء التشاوري بإشادة واسعة بمستوى النجاح الذي حققه اللقاء. ونادى المشاركون بضرورة تثمين المقاربة، مضمون الملتقى، وألحوا علىتطوير الشراكة والتعاون بين الهيئات والمؤسسات المشاركة في مجال السعيلتجنب أسباب التغيرات المناخية والحد من مخاطر الكوارثيشار أن هذاالملتقى العلمي والتواصلي والتوعوي شهد حضور مكثف لنخبة من الفاعليينمن قبيل مصالح الأرصاد الجوية والهلال الأحمر والوقاية المدنية والمكتبالجهوي للاستثمار الفلاحي والمديرية الإقليمية للفلاحة والمديرية الإقليميةللمياه والغابات و المديرية الإقليمية للبيئة وكالة حوض سبو وعدد من ممثليهيئات المجتمع المدني وفلاحين ، وعدد من الإداريين والممارسين والطلبةالباحثين بسلكي الدكتوراه والماستر والسيدات والسادة الأساتذة أعضاءمختبر التراب والبيئة والتنمية، فضلا عن عميد كلية العلوم الإنسانيةوالاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة.