فرنسا "الإفريقية" !

بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 06 مارس 2023
No Image

لم يعد سرا أن إفريقيا ملت تعالي فرنسا.

والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينهي جولته الإفريقية التي بدأها في الغابون، وأنهاها في كينشاسا،وشملت أربع دول، ازداد الإعلام الفرنسي اقتناعا أن الحل أمام فرنسا في علاقتها بالماما أفريكا، واحد منإثنين: تغيير التعامل المبني على الاستعلاء تجاه دول القارة السمراء، أو تحمل مسؤولية تحول هذا التبرموالتأفف إلى عداء كامل وصريح تجاه المستعمر السابق.

السبب؟

من باب استغباء النفس والآخرين التساؤل فعلا عنه، فهو واضح للغاية.

القارة، بشعوبها وقادتها، لم تعد قادرة على الإنصات لدرس إضافي واحد من البلد الذي ألف تلقين الجميعالدروس، وإن كلفه الأمر نسيان نفسه من سماع تلك الدروس نفسها.

وكم كان التدخل العاطفي للرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي خلال الندوة الصحفية التي جمعتهبماكرون، صائبا، ودقيقا، وعاقلا، وصريحا، وهو يذكر الفرنسيين، رسمييهم وإعلامهم، أنهم لايتحدثون عنالانتخابات في دول إفريقيا مثلما يتحدثون عن خروقات الانتخابات التي قد تحدث في أوربا وأمريكا، داعيافرنسا بوضوح إلى احترام إفريقيا وشعوبها، وعدم التعامل معها بما أسماه حرفيا "المنطق الأبوي".

طبعا يعسر على فرنسا حاليا أن تستوعب متى نفر الناس منها هنا، ومتى أصبحت غير مرغوب فيها أوتكاد، لأنها لم تعتقد هذا اليوم قادما، وظلت تتصرف مع قارتنا بمنطق تصرف فاليري جسيكار ديستان فيزمن سابق مع بوكاسا، معتقدة أن الزمن يتغير في كل مكان من العالم، إلا في إفريقيا.

وعندما شرعت السيدة الجمهورية في رؤية الأمريكان والروس والصينيين والأتراك والألمان وغيرهم، وهميتبنون طريقة جديدة في التعامل مع قارة معروفة بكبرياء أبنائها المتقدم، رغم فقرهم الذي تسبب في جزءكبير منه المستعمر السابق، لم تراجع سلوكها، ولم تصلحه، ولم تلجأ للنقد الذاتي، بل استلت من مرجعيةأرشيفها الكولونيالي غير المشرف كثيرا، أسلحة الضغط والتنديد والضرب تحت الحزام، وضرب البلدانببعضها، وحركت خاصية "العملاء" أو خلاياها النائمة، لكي يلعبوا دورا خبيثا اتضح اليوم أنه لن يصلإلى منتهاه، لأن صلاحيته انتهت.

هذا السلاح الخبيث أصبح اليوم فاسدا “perimè” ، وأبناء القارة اكتشفوا له الترياق، ووجدوا الدواءلتفادي المساس بعدواه ومضاره.

في مقدمة أدويته، فهم معنى الانتماء القاري أولًا، ثم فهم معنى تنويع الشراكات بناء على الاحترام والتعاونالكاملين مع فرنسا ومع غير فرنسا.

من هنا يبدأ العلاج. وعلى مايبدو، نحن الأفارقة هذه المرة مصرون على إكمال رحلة الاستشفاء من أمراضالزمن السابق حتى النهاية.