عالقون والله أعلم !

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 01 مارس 2023
No Image

بين الرجل الذي يتحدث عربية المسلسلات التاريخية الغريبة، والذي قرر أن أهم معاركه اليوم هي ضد الأفارقة السود الذين يعتقد أنهم يريدون بتونس "التغيير الكبير"، وبين الرجل الآخر الذي يستدعي صحافة مثيرة للشفقة، ويحكي لها وهو جالس بطريقة بعيدة عن اللياقة أن الديمقراطيات الأوربية كلها ولدت في الجزائر،يجب أن نعترف أن حظ المغرب الكبير عاثر حقا.

الذين باعوا لنا وهم التغيير الأعظم بعد ضجيج 2011 هم أوائل من يقولون لنا الآن "عذرا لكننا لم نعتقدها هكذا، ولم نرها وهي قادمة بهذا الشكل".

نذكرهم أننا حين كل الضجيج وكل تلك الفوضى، وأثناء إلقائهم الأناشيد والمحفوظات حولها، استطعنا هنافي المغرب أن نحافظ على رشدنا الجماعي، وتجنبنا السقوط في الهلوسة الخرافية التي أوصلت بلدانا أخرى إلى ماهي فيه الآن.

هي بركة المكان، أو هو النبوغ المغربي العادي، أو هي ربما وبكل بساطة خبرة السنوات والعقود الكثيرةالتي مرت على الدولة هنا، وجعلتها مستحقة لوصف العريقة، فيما مشكل النشأة والتكوين الجديدين لازال يلاحق الآخرين.

في تونس اليوم، هاته المعركة بالنيابة ضد الانتماء الإفريقي، والتي تحاول نقل نقاش العنصرية المقيتة من دول الشمال إلى دولنا في الجنوب، هي معركة مكشوفة الدواعي، ينفذها خريج المسلسلات التاريخية لأنه تلقى الأمر بإطلاقها، نظير مالانعرفه من المكافآت، تماما مثلما تلقى في وقت سابق من الجزائر ثمن فعلته الشنيعة ضد المغرب، حين منح رخيص البوليساريو أكثر مما يستحق.

أما في الجزائر، فإن هلوسات عبد المجيد الذي علم الديمقراطيات الأوربية الحرية، لاتفسير لها إلا الانخراط في حمق قديم يقود عقيدة الكراهية لدى من تسلطوا على تلك البلاد، ويجبرهم المرة بعد الأخرى على ارتكاب هاته الكوارث التي كانت تبدو لنا مضحكة في وقت سابق، والتي أصبحت اليوم -لفرط تكرارها - عنوان بؤس شديد، وسبب حزن أشد.

في زمن آخر كان حلم المغرب الكبير حلما يراود كل من يؤمنون بهاته الرقعة الجغرافية والتاريخيةوالحضارية التي تتوفر على كثير من مقومات الازدهار لو حضرت "النية" الصادقة، عند الجميع، وتعاون الكل مع الكل.

الآن هو مجرد طيف قديم يساور من حلموا به فيحزنون، وهم يتمنون قدوم أجيال جديدة في تلك البلدان،تفهم قيمة اليد المغربية الممدودة بكل ذكاء، والتي تعرف بداية الطريق وإلى أين يمكن أن يصل بنا لو أردنا طبعا.

مؤسف ومحزن، لكنها حقيقة هذا المسلسل التاريخي والسيتكوم الكوميدي الذي علقنا قربه، في انتظار أيام أفضل...