مع العشران !

بقلم: المختار لغزيوي الخميس 16 فبراير 2023
No Image

يرفع (متنبي الراب) ديزي دروس في أغنيته الجديدة "مع العشران" (البارة) عاليا. يكتب مثلما ألف أن يفعل: بأناقة وبصدق وبقدرة فعلية على الإيلام.

وعكس "أكلة الثوم بأفواه الآخرين"، ممن فرحوا بالأغنية لأن ديزي دروس "قصف" فيها عوضهم فلان أوفلانة، فيما هم لايستطيعون فعل ذلك لأنهم جبناء ويراعون كثير المخاوف، فرحت بالأغنية لأن مستواها راقي، ولأنها تعني انتقالا فعليا في عالم الراب المغربي.

دعونا هنا نذكر بعضنا البعض أننا انتصرنا لتعبير الراب المغربي في بدايات بداياته، وعلى ما أتذكر - وهذا تاريخ لافرار منه - كنا نحن "الأحداث المغربية" في الصحافة العربوفونية، وكان زملاؤنا في "تيل كيل" في الصحافة الفرنكوفونية الوحيدين الذين كانوا يصرخون نهاية التسعينيات، بداية الألفين، دفاعا عن حق هذا التعبير الفني الكامل الأركان في تقديم نفسه للناس.

اليوم الجميع أصبح يتحدث عن الراب، وهذا أمر مفرح لنا طبعا، واليوم الجميع أو تقريبا الجميع، فهم أن لهذا الفن جمهورا يفوق جمهور فنون أخرى يعتبرها بعضنا "راقية" مع أن هذه الكلمة في الفن لامعنى لها،إذ الوجود هو للفن مقابل "اللافن"، وكفى.

لنعد الآن إلى "مع العشران" وسبب فرحنا بها: لأن الأغنية تفوقت على نفسها في كل شيء. بصريا هي تحفة فنية حقيقية، فيها مجهود إبداعي وإخراجي حقيقي، ولغويا، مادام الراب فن قول أساسا، هي مكتوبة من محبرة تميز نادر في مشهدنا الفني، موسيقيا هي في مقام عال فعلا، وإجمالا هي هدية عيد حب رائعةقدمها ديزي دروس لمتتبعيه يوم 14 فبراير وأشعل بها النقاش الكثير.

"شكون كلاشا؟ وعلاش كلاشاهوم؟ وواش غيجاوبوه"، هذه أسئلة لاتعنينا. الأهم منها أننا رأينا شيئا من"إمينيم" وشيئا من "ntm" وخصوصا جوي ستار في بداياته، ورأينا فيها "شوية من بزاف" مما يمكن أن يقدمه قلم واع ودارس ومهووس فعلا بالفن الذي يعيشه ويمارسه مثل ديزي دروس.

هل جاء أوان الاعتراف منا جميعا أن الراب ليس "كونترباند"، وأنه فن مغربي استطاع محبوه وممارسوه ومحترفوه أن يصنعوا له مكانا حقيقيا بيننا؟

السؤال غبي حقيقة، لأن هذا الفن صنع مكانه قسرا بيننا. فقط بعض العاجزين عن إدراك هاته الحقيقة يظلون منكرين لها، مفضلين سب هذا التعبير الفني وشتمه، لأنهم غير قادرين على استيعاب قاموسهورموزه، عوض الإنصات والفرجة، واكتشاف الأسباب التي تجعل كل هاته الأجيال الجديدة تفضل هذا الفن على غيره.

وحقيقة كنا نحتاج الآن بالتحديد أغنية بهذا المستوى تعيد للراب المغربي بعضا من أنفته، هو الذي تعرضللقصف الشديد، سواء من طرف بعض المحسوبين عليهم الذين لايملكون من مقوماته أي شيء، أو من طرف بعض أعدائه الذين ينتقصون منه باستمرار فقط لأنهم لايفهمون عوالمه.

باختصار "عزي"، (وهذه ليست سبة عنصرية خصوصا من أفرو-مغربي ككاتب هذه الأسطر، لكنها عبارة يستعملها ديزي دروس بنفسه عن نفسه للسخرية من غباء العنصريين) "طلع النيفو"، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون