الموت يغيب هرما آخر من أهرامات الساحة الثقافية بمكناس

روشدي التهامي الثلاثاء 14 فبراير 2023
No Image

AHDATH.INFO


فوجئت الساحة الثقافية بمكناس صباح يوم الخميس بخبر رحيل الدكتور بنعبسى بوحمالة الذي يعد هرما من أهراماتها الثقافية البارزة الذي لم يقتصر حضوره على الساحة الثقافية محليا وجهويا ووطنيا ، بل امتد إلى ماهو قاري وعربي وعالمي .
رحل عنا الهرم بنعبسى بوحمالة في صمت ، بعد رحيل ثلة من المشمولين برحمته ، الفقيه محمد المنوني والعيساوي المسطاسي وبنسالم الدمناتي وبوشتى بوعسرية وأحمد فرشوخ وحسن المنبعي .
ظل الراحل بنعيسى بوحمالة كما عرفته بثانوبة النهضة بمكناس تلميذا مجدا ، وطالبا مواظبا على التحصيل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، وكما في مساره المهني استاذا مربيا بأرفود بنيابة الرشيدية ( قصر السوق سابقا) ، وأستاذا معطاء بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس .
رحيل الناقد والمترجم المشمول برحمته بنعيسى بوحكالة أحزن أسرته الصغيرة زوجته وابنيه كما مجايليه الذين أجمعوا في شهاداتهم على ما تحلى به الراحل من قيم وشيم.
رحل صديقنا بنعيسى بوحمالة –يقول الشاعر بناصر لقاح – في هدوء الناسك ، كما كان يفعل وهو يعبر الشوارع بمكناس ويختلف الى مقاهيها ومطاعمها . غادرنا وفي قلبه إقبال على الحياة يدل عليه نهمه الكبير في القراءة والكتابوااتأمل واختلاس السعادات الصغيرة والكبيرة وما أكثر ما اشتركنا في ذلك كله ببراءة الأطفال . كنا إذا التقينا تطول جلساتنا ونحن نتحدث عن الشعر والعروض والترجمة والحب والموسيقى والرقص وكان كلفا أشد ما يكون الكلف بالوقوف على دقائق الأسئلة الموصولة بالأدب والشعر منه خاصة وكان يوفق كثيرا في ذلك ،وكانت لغته تسعفه فيطنب ونحب اطنابه ويسترسل ونستزيده.
بعتبر المرحوم بنعيسى بوحمالة – يقول صديقه الشاعر علال الحجام- من المثقفين المغاربة الذين يحق للمغرب والعالم العربي الاعتزاز بهم ، وقد تميز بعدة خصال أهلته لبلوغ المكانة المعلاة التي بلغها والحضور الأدبي أالوازن في الساحة الثقافية وطنيا وعربيا ،اجملها في ثقافته الأدبية المنفتحة على حقول أخرى تتقاطع معها واتساع مجال اهتمامه الى الثقافة الفنية الشاملة والجمع بين الثقافة العربية والثقافة الانسانية دراسة وأملا هذا فضلا عن تحقيق مشروع ذي رؤية نقدية قادرة على استيعاب التراث والثقافة الشعبية من جهة ،وإدراك مقومات الحداثة من جهة ثانية ، بالإضافة الى الإصرار على الدفاع عن القيم الانسانية إيمانا منه بإن الانسان هو المركز الذي يدورحوله كل نشاط ثقافي. رحم الله ادكتور بنعيسى بوحمالة وعزاء لذويه وأصدقائه وطلابه ماخلفه من أعمال نقدية قيمة ستخلد ذكره وتنير كثيرا من الادغال التي سيسلكها الباحثون وطلاب العلم بعده .
يعتبرالناقد بنعيسى بوحمالة – يضيف الشاعر رشيد حجيرة - واحدا من القامات الأكاديمية الرفيعة في مجال النقد الشعري بالمغرب والعالم العربي على السواء ، وهو فضلا عن ذلك واحدا من الاساتذة الأجلاء الذي تتلمذ على يديه جيل من خبرة المبدعين الذين مروا بالمدرسة العليا للاساتذة بمكناس . برحيل بنعيسى بوحمالة ،يفقد مشهد الثقافي المغربي واحدا من أعلامه وترزأ مدينة مكناس في واحد من أبنائها الأبرار الذي أحب الشعر وأخلص لعوالمه حتى اكتفى ومال الى العزلة .
اكدت من جهتها الشاعرة زايد نعبمة ،أن بنعيسى بوحمالة ترجل عن صهوة هو يدرك تمام الادراك علوها .
غاب صاحب المضايق الشعرية وترك أيتامه بيننا ، ترك للعالم وهو اشد حرصا على تحصيل المعرفة العالمة وتبليغها . بنعيسى بوحمالة الناقد المترجم الذي هوى السفر ... غاب بوكالة رجل الفكر والنبل يحمل ظله في صمت ، ترك طلبته الذين أحبوه كما احبهم وأخلص في التكوين..لم أعشق الأدب كما عشقته معه، وإن كان الموت لا يفاجيء إلا انه خلف موجة ذهول في صفوف محبيه وطلبته لاندلاع الهاتف وبعده الصمت القاتل .رحمه الله وأكرم مثواه .