الله يرحم ضعفنا !

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 08 فبراير 2023
No Image

المشاهد القادمة من سوريا وتركيا، عقب الزلزال المدمر، مشاهد مبكية، محزنة، قاتلة، لايستطيع تحملها إلا منكان دون قلب ودون شعور ودون إحساس بالأنسانية.

رأينا المناطق التركية الجميلة، تلك التي ألفنا رؤيتها فقط براقة في فيديوهات السواح، وهي تنهار بشكلمرعب فعلا.

ورأينا مناطق سوريا المدمرة بفعل حرب ميزان القوى الدائرة هناك منذ وقت طويل، وهي تزداد دمارا محزنالمن كان يعرف الشام وجمال الشام وجمال هلاله الخصيب.

رأينا أسرا فقدت بعضها في ثوان معدودة. سمعنا أصوات من بقوا على قيد الحياة وهم تحت الأنقاض، وهميترجون العون والمساعدة على البقاء أحياء من الذين بقوا فوق سطح الأرض.

انفطرت قلوبنا ألما حين كانت الأصوا تنقطع، ويسود صمت رهيب أسفل الركام، يوازيه نحيب وعويل لاوصفلهما فوق الأنقاض عندما يتأكد الناجون أن من كانوا يصرخون قد رحلوا إلى خالقهم.

درس هذا الزلزال المدمر الكبير الذي قتل في لحظات قصيرة الآلاف من الناس هو درس بليغ للغاية، يقول لنامباشرة ودون أي تهييء أننا لاشيء.

نحن أضعف من الضعف كله، ونحن رهائن صدفة قد تقع في أي لحظة تنقلنا من مكان إلى مكان آخر.

أمنا الطبيعة، وهي تنتفض بهذا الشكل المدمر، تقول لنا فقط إن البقاء لها وأنها صاحبة الدوام.

نعم، نحن نعبر العبور السريع فوق أرضها. نعم، نحن نعتقد رغم ملايير من عبروا قبلنا أننا باقون. نعم،نحن نعتقد أن اختراعاتنا وتقدم العلم وبقية الأشياء قادرة على تأميننا مدى الدهر. لكن حركة واحدة من أمناالطبيعة تعيد الأشياء إلى بداياتها الأولى.

يفهم الإنسان، إن كان قادرا على الفهم طبعا، أن هذا الضعف الكامن فينا هو قوتنا الحقيقية.

عندما نستوعب ضعفنا، وأننا زائلون وعابرون، ولانحتاج إلا هنيهات قليلة من الوقت لكي ننقرض، نفهمقيمة الحياة وغناها.

نعرف أنها أثمن من أن نضيعها في الصغائر والتافهات.

نستوعب أننا هنا في عبورنا السريع من أجل شيء ما.

لم يخلقنا الله عبثا. حاشا وكلا. خلقنا لكي نعمر الأرض ونتعاون مع بعضنا لأجل هذا الإعمار.

كيف حولنا الحكاية كلها إلى شجار تافه صغير لاينتهي من أجل اللاشيء؟؟؟

علم ذلك عند ربي، وعندنا طبعا. ولحظات حزن إنساني موحد مثل لحظة هذا الزلزال المرعب القاتل تصلحلتذكيرنا بضرورة وضع هذا السؤال على أنفسنا كل يوم، بل كل ساعة، بل كل دقيقة، بل كل ثانية، فنحن فعلالانعلم متى سيتوقف بنا هذا العبور، نحن العابرون أبناء العابرين.

رحم الله ضحايا الزلزال في سوريا وفي تركيا، القلوب معهم ومع أهاليهم، وفعلا لانقول إلا مايرضي الله "إنالله وإنا إليه راجعون".