ضيف القصر الملكي

يونس دافقير الخميس 02 فبراير 2023
No Image

AHDATH.INFO



تغادر طائرة بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الاسبانية الرباط بعد انتهاء أشغال اللجنة العليا المغربية الإسبانية التي ترأسها إلى جانب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لكن نفس الطائرة ستعود في وقت لاحق لتحط الرحال بالمغرب، ووجهة سانشيز هذه المرة القصر الملكي.

لست مختصا في التاريخ الديبلوماسي المغربي، لكني أزعم أنها حالة ناذرة: أن يدعو الملك رئيس حكومة دولة اجنبية للعودة في زيارة رسمية إلى القصر بعد انتهاء المباحثات الحكومية. وأزعم أيضا أنه ليس في البروتوكول ما يستدعي من الملك محادثة رئيس حكومة أجنبية لديه برنامج عمل مع نظيره المغربي.

غير أن تواصلا هاتفيا من هذا القبيل، حين يحدث، يتجاوز سقف المجاملة ليكون تعبيرا عن الحظوة والإهتمام.

وقد كان من الممكن الاكتفاء بتلك المكالمة الهاتفية المطولة، خصوصا وأن مدة نصف ساعة التي استغرقتها تفي بالغرض. أكثر من ذلك، تخفي أمورا فوق المجاملات.

الدعوة الملكية لبيدرو سانشيز للقيام بزيارة رسمية للمغرب كشفت حديث المكالمة.. رئيس الحكومة سيكون ضيف القصر هذه المرة وليس ضيف رئيس الحكومة.

حتى بعض رؤساء الدول لم يحصلوا على ذلك.

الضيافات الرسمية المزدوجة على هذا المستوى العالي ناذرة في الممارسة الدبلوماسية المغربية. الإسبان التقطوا ذلك، وفهموا أنه خلف كل هذه الرموز يوجد ما يريد أن يقوله الملك المغربي.

من الواضح أن الملك محمد السادس يشير إلى أنه يريد بناء توافقات وتفاهمات استراتيجية مطبوعة بالديمومة والاستقرار، لنقل إنه يبحث عن تفاهم تاريخي بين أمتين، تفاهم يسمو فوق تقلبات الانتخابات والحكومات العابرة.

ما من شك في أن بين الملكيتين المغربية والإسبانية علاقات ود عريقة، ودائما ما كانت ملجأ الحكومات في فترات التوتر. وفي الطفرة الديبلوماسية الأخيرة بين البلدين كانت لحكمة العاهل الاسباني، في حدود اختصاصه، مساهمة فاعلة في مراجعات حكومة مدريد.

غير أن اختلاف النظام الدستوري بين البلدين يجعل العاهل المغربي أكثر حضورا في القرار الديبلوماسي، ذلك أمر عادي، في المغرب يعتبر الملك موجه ورئيس ديبلوماسية المملكة.

يحضر الملك هنا بصفته ضامنا، ولا يضمن هذا الثقل الديبلوماسي الملكي نجاح واستقرار التفاهمات المغربية الاسبانية فقط، بل يجعلها ثابتة في المستقبل. إن فكرة المستقبل في حد ذاتها تعني ترفعا عن حسابات الظرفيات العابرة، وتلك روح الملكيات العريقة في التاريخ.

لنعبر عن الفكرة بمعنى آخر : ترأس سانشيز وأخنوش توافقات حكومية آنية، بينما سيستعرض سانشيز مع الملك تفاهمات استراتيجية بين أمتين وجارين. وبينما تبحث الحكومات عن متنفسات ظرفية لولاياتها الانتخابية، يبحث الملوك عن ظرفيات مناسبة لتخليص وتحرير أممهم من تقلبات وإكراهات الظرفيات.

في هذا المستوى الأعلى من اللجنة العليا المشتركة سيعود شانسيز إلى القصر الملكي، وفوق الطاولة سيجد "مبادرات ملموسة تتميز بالنجاعة" و"مشاريع فعلية" بنفع مشترك.