الفرحون بالقتل !

بقلم: المختار لغزيوي الاحد 29 يناير 2023
No Image

في جنين فرح جزء من الإسرائيليين بمقتل تسعة فلسطينيين، منذ أيام، على أيدي الوحدة الخاصة.

وفي القدس فرح جزء من الفلسطينيين بمقتل سبعة إسرائيليين، ليلة الجمعة في عملية إرهابية نفذها شخص كان يسمى قيد حياته...علقم.

لا أدري بالنسبة لكم، لكن بالنسبة لكاتب هذه الأسطر: هذه هي قمة الغباء.

ليست هناك خطوة أبعد عن الإنسانية من هاته: أن تفرح فقط لأن من قيل لك إنه عدوك، وصدقت الأمر بطيبوبة نادرة تقترب من حد السذاجة البليدة، قتل بطريقة مأساوية.

طيب، فرح الإسرائيلي لمقتل الفلسطيني، ووزع الحلوى وتبادل التهاني، ثم فرح الفلسطيني لمقتل الإسرائيلي، ووزع الحلوى وتبادل التهاني، وماذا بعد؟

الإنجاز الحقيقي الوحيد الذي تحقق هو أن الناس عادت لمشاهدة قناة "الجزيرة"، القناة الوحيدة التي لانتذكر وجودها إلا حين الموت والقتل والمصائب بمختلف أنواعها، حيث تشنف سامعيك خديجة الجزائرية بصوتها الراغب في تمثيل دور الصدق، وبسترة رأسها الموضوعة قسرا على ماكياجها الفاقع، وهي تبشرك للمرة المليون بعد المليار أن "المقاومة ستنتصر"، وأن "الشهداء ارتقوا"، وأن "القطعان قتلت"، إلى آخر تلك المحفوظات التي ملت منا، ولم نتعب نحن من ترديدها بإصرار مرضي عجيب.

وماذا بعد فعلا؟

سيرد نتنياهو كالعادة بقوة. ستقصف الفصائل حسب قدرتها. سيتبادل رواد القتل والموت ومحبوه الهاشتاغات المقاومة وعبارات "كلنا كذا" التي لم تؤد يوما ما إلى نتيجة. سيتعب الطرفان مجددا ذات لحظة من القتل. سيجبرهم طرف ثالث على التوقف. سيتوقفون في انتظار موجة القتل القادمة وكفى.

وماذا بعد حقا؟

متى سيستوعب هؤلاء المهووسون بالقتل الغبي أنه لن يحل الإشكال، وأن الحل الوحيد العاقل أمامهم هو أن يجلسوا مع بعضهم، وأن يتفقوا، وأن يعيشوا وأن يتعايشوا؟

لاأحد يدري متى يأتي هذا الأوان، لكن على مايبدو لازال أمامه الوقت الطويل.

في انتظار ذلك، لامفر من الاستغراب لقدرة بعض الحمقى من الطرفين معا، ومن أنصارهما هنا وهناك، على الفرح بالقتل.

أي والله الفرح بالقتل، وهذا حقا أمر عجب، بل هو عجب العجب وكفى.