حبيب المالكي يكتب عن قرار البرلمان الأوربي تجاه المغرب

ذ. حبيب المالكي رئيس مجلس النواب سابقا الخميس 26 يناير 2023
No Image

إن المبادرة لهذا الموقف، تأتي من منطلق ما صدر عن البرلمان الأوروبي؛ منموقف شارد عن التاريخ وحسن الجوار، ومتجاوز لقواعد الشرعية القانونيةوالأعراف الدولية. ولعل الوعي بمحددات هذا القرار التي آلو على ذكرهاجميعا، والصيغة التي حكمت تركيبه، يعين على بلورة قراءة صحيحة له، واتخاذ موقف منه.

لا يساورني أدنى شك -وبشكل هادئ وموضوعي- أن سياقات هذا القرارانبنت ومنذ مدة، على سيرورة من الأحداث والتراكمات التي أظهرت المغربقوة اقتصادية إقليمية صاعدة، ومركز ثقة وفضاء للحوار والتعددية والتعايش، وركنا موثوقا لحسن الجوار. وهو ما كان يزعج العديد من الأطراف المناوئةلكل تقدم يشهده المغرب. وبالتالي لا يعدوا أن يكون هذا الموقف نتاج مسلسلمن ردات فعل، ظاهرها ليس كباطنها؛ ظاهرها وضعية حقوق الإنسان، وباطنها "ابتزاز" وتحريض يسعى لفرملة إنجازات المغرب الاقتصادية، وحياد واستقلال قراره السياسي، ونفوذه الجيوسياسي إفريقيا وعربيا، وعلاقاته المتميزة مع جميع البلدان.

وأجد تأكيدي راسخا على:

1. أن توصية البرلمان الأوروبي، تستقر على سياسة ممنهجة، تنبنيأولا، على تجاوز غير مشروع قانونيا وأدبيا لاختصاصاته، وثانيا، على التدخل في شؤون مؤسسات القضاء واستقلاليته وسيرالعدالة، وثالثا، على نزعة من الوصاية المتنافية مع الشرعة الدولية؛

2. لا يحتاج الملاحظ الموضوعي، لكثير عناء، كي يقف على الإرادةالسياسية وحرص السلطات والمؤسسات العليا للدولة، على تعزيزحماية حقوق الإنسان الفردية والجماعية، وتوطيد دعائم دولة الحقوالقانون، والحرص على تطبيق المقتضيات القانونية الوطنيةوالالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وبالتالي فهذهالانتقادات غير المسنودة بأي شكل من أشكال الملاحظة والتبيّن، تبقى تدخلا سياسيا تعسفيا في شؤون دولة ذات سيادة؛

3. تعكس كل الإشارات المتفرقة الصادرة عن البرلمان الأوربي، عدمحياده بالمرة وافتقاره إلى هذه الصلاحيات بالأساس، ومحاولةالبحث عن حالات معينة صدرت فيها أحكام أو لا تزال معروضة عنالقضاء، يعزز بها ادعاءاته التعسفية والمنحازة، ويحاول من خلالهاالتأثير في مقررات القضاء، ضدا على المواثيق الدولية والتقاليدوالأعراف.

4. انطلاقا من موجبات سياسة دولتنا في مجال حقوق الإنسان، ودفاعا عن مكتسباتنا الحقوقية، إن أي حديث موضوعي عن حالةحقوق الإنسان لا يحتمل ازدواجية المعايير، خصوصا أن بعضالدول الأوربية لا تزال بعيدة عن الكثير من المعايير الدولية التييتبناها المغرب في مجال الحريات واستقلال القضاء.

5. هناك حرص دائم من المغرب للوفاء بالتزاماته وتعهداته الدولية، ويظهر ذلك جليا في تشجيعه الدائم للانخراط والتعاون معمؤسسات حقوق الإنسان، واستقبال المساطر الخاصة، والنهوضبقدرات المؤسسات والفاعلين، والتفاعل الإيجابي مع كل التقاريرالوطنية والدولية الصادرة عن المؤسسات والهيئات المعنية. وإشاعةثقافة حقوق الإنسان، عبر توفير الضمانات الأساسية للاستدامةفي حقوق الإنسان، وإدراجها في كل البرامج والأوراش.

وأنا متفائل، أن هذا الموقف- وإن كان منعطفا يحمل تداعيات مقلقةعلى العلاقات المستقبلية- أنه سرعان ما ستنتصر روح الشراكةالاستراتيجية وجودة التعاون، متى اتسم أعضاء البرلمان الأوربيبالقليل من الحكمة والاستقلالية، وأتذكر جيدا أن هاته الصفتينكانتا لدى رئيس البرلمان الأوروبي السابق، السيد دافيد ساسولي؛ ولمستها حين قمنا بزيارة البرلمان الاوروبي في بداية الولايةالتشريعية العاشرة، وكانت نتائج هذه الزيارة جد مثمرة علىالمستوى الديبلوماسي والتعاون البناء.