وداعا "سي عبد الرحيم"!

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 03 يناير 2023
No Image

منذ متى أضحك عبد الرحيم التونسي المغاربة؟

منذ البدء، وقبل الوقت بوقت طويل.

عبد الرؤوف جزء من ذاكرة جماعية أضحكت الأجداد والآباء والأبناء. فكرة شخصية مغربية ساذجة، بسيطة،تعبر المواقف وتعيشها بتلك السذاجة وبتلك البساطة.

تتوقف عند تفاصيل صغيرة، وتصنع بها ومنها ومعها مواقف للضحك، ملأت المسارح حين كان المغاربةيذهبون إلى المسارح، وجمعت الناس حول تلفزيونهم الوحيد، حين كان للمغاربة تلفزيون وحيد، وحين كانوايشاهدون تلفزيونهم حقا.

لم يكن عبد الرحيم التونسي (عبد الرؤوف) متعالما مثل عدد كبير من أدعياء الفن في هذا البلد. كان متواضعاأكثر من اللازم، وكان بسيطا للغاية في حياته.

ولكم كانت دهشتي كبيرة حين منحتني صدفة حياتية جميلة فرصة مجالسته في سهرة مراكشية لن أنساهافي فندق "المامونية"، حين حظي بتكريم رائع من مهرجان الفيلم، ووجدت رجلا متشحا بحياء كبير، يطلبمني أن أبقى بجانبه طيلة السهرة لأنه حسب تعبيره رحمه الله "غير متعود على هاته الأجواء"، قبل أنينهض مغادرا بعد نصف ساعة أو أقل معتذرا، وشبه هارب من نجومية كانت قدرا له، لكنه لم يكن من طلابهاولا من اللاهثين وراءها.

في كل بيت مغربي، ستجد بالتأكيد رجلا أو امرأة من جيل آخر أحس بألم كبير وحقيقي، حين سمع بنبأرحيل عبد الرحيم التونسي في اليوم الثاني من العام الجديد.

في كل بيت مغربي، ستجد أناسا ترحموا عليه، ورووا حكايته المغربية البسيطة والجميلة للأجيال التي أتتفيما بعد ولم تتعرف عليه.

في كل بيت مغربي، رن أمس صوت عبد الرؤوف المميز، المختلف تماما عن صوت عبد الرحيم التونسي،مذكرا الجميع بضحكة مغربية أصيلة كانت تخرج من الأعماق، دون تصنع، ولم تكن تتطلب كل هاتهالإمكانيات المادية المهولة التي تصرف اليوم على ضحك مفتعل، "باسل"، يثير حزن الناس وشفقتهم عوضأن يسليهم ويثير ابتساماتهم.

في كل بيت مغربي، قال الناس "الله يرحمها روح"، وأعتقد أن هذا الدعاء لوحده من طرف الجميع كافلإسعاد الفنان وروحه حيث هما الآن، أي بين يدي الخالق الكريم.

الله يرحمك السي عبد الرحيم حمودة التونسي، أما عبد الرؤوف فباق مادم الضحك الصافي، الخالص، البسيط،باقيا في هذا البلد، أي حتى ختام كل الأيام.