الحالة: بوخلال !

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 27 ديسمبر 2022
No Image

لعلها أول مرة يحظى فيها لاعب دولي مغربي بهذا الكم الجماعي من التعاطف بعد أن نشر عنه موقع معينكلاما غير مقبول، يرمي إلى النيل منه ومن حريته الفردية، وفي مقدمتها حرية اختياراته الدينية، التي تشبهعلى كل حال اختيارات أغلب أبناء شعبنا.

مرد هذا التعاطف الجارف مع زكريا مقابل الإدانة الجماعية لما نشره عنه الموقع المذكور إحساس الناس بأناللاعب المتميز كرويا، والمتميز أخلاقيا تعرض لظلم حقيقي وشديد، من طرف موقع يفترض أن يكون أول حاممهنيا للاعبينا، ويفترض أن يتفادى نشر الإشاعات عنهم أو "اللا-أخبار" التي قد تضرهم، وقد تحولالأنظار عن الإنجاز الرائع الذي قدموه هدية لكل المغاربة في المونديال.

وحقيقة أحسن المجلس الوطني للصحافة عندما سارع لإدانة مانشر، لأن مانشر لايستحق إلا الإدانة، مثلماأحسنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم حين قررت اللجوء إلى القضاء، نصرة لزكريا بوخلال، لأن مانشرالرد الوحيد عليه يوجد فعلا أمام القضاء.

الآن لنطرح السؤال المهني المؤلم حقا؛ كيف وصلنا في ميداننا إلى حد نشر أشياء مثل هاته دون أصغر دليلعليها فقط اعتمادا على استيهامات أو تنبؤات أو قراءات خاطئة للصور والتصرفات؟

وصلنا لأن أحدهم ذات يوم اخترع بدعة كبرى وفرية أكبر أسماها (الملاءمة) أغرق بموجبها المغرب في بحرمن المواقع التي تدعي أنها تمارس الصحافة، قتلت المواقع الجادة والمهنية، أفرغت الحرفة من مصداقيتها،نفرت الشعب من الصحافة ومن الصحافيين، ضربتنا جميعا في مقتل، وفرضت علينا اليوم حربا ضروساضد أناس يقولون لنا في كل الاجتماعات التي نلتقيهم فيها إنهم "يريدون أن يكونوا صحافيين وفرات"،ويضيفون "وأنتم أيتها الحيتان الإعلامية الكبرى تريدون إغلاق الباب في وجه طموحاتنا الصغيرة".

نمضي الوقت كله اليوم في محاولة شرح مضحكة أنه من غير الممكن أن يكون لدينا 40 مليون صحافي، وأنالأمر يتعلق بمهنة، وليس بهواية لملء أوقات الفراغ وملء الجيب بنفس المناسبة، وأنه من الممكن لمن يرغب فيذلك أن يعطي دليلا ولو صغيرا على أنه فعلا قادر على أن يمارس هاته المهنة، حقا وفي الميدان، وليس فقطبتقنية "تخراج العينين" في البلاد والعباد.

قلة قليلة تنصت لنا للأسف الشديد، أما الأغلبية فتروقها فوضى الحواس القائمة، ويسعدها أن نوضعجميعا في السلة الرديئة الواحدة، وأن يقال عنا على سبيل الاحتقار المبرر : هادوك غير صحافيين، ماتديوشعليهم !

هذه هي المصيبة حقا، وهذا ماجنته علينا الملاءمة والقوم الملائمون.