AHDATH.INFOأصبحنا وأصبح الملك لله، وفتحنا الأعين في نهاية سنة 2018 على أناس من بني جلدتنا ومن نفس "عجينتنا" يكتبون على مداخل مخابزهم وأماكن بيع حلوياتهم أنهم لايبيعون حلوى رأس السنةوعلاش بالسلامة دادا الفهيم؟لأن في ذلك تشبها بالنصارى والمشركين مما نهى عنه ديننا الإسلامي حسب زعم وفهم علماء آخر الزمان هؤلاءالمسألة فيها نظر عظيم والضحك منها ومن غباء معتنقيها لايكفي لحل الإشكال، بل يلزمنا بالفعل نقاش عميق وعقيم في الوقت ذاته. ولابأس إطلاقا بالأمر فنحن نملك صافيا إضافيا من الوقت لإضاعته طالما أننا انتهينا من الأمور الجوهرية في الحياة التي تتقدم بها الأمم حقا، ويحق لنا أن نروح عن النفس ساعة فساعة بمثيل هاته الاهتماماتكيف دخل العجين في مسألة مقارنة الأديان هاته حتى اقتنع بعضنا أن أفضل طريقة لعبادة الله سبحانه وتعالى هي الامتناع عن أكل وصناعة "حلوى دلاكريم؟"للسؤال شرعية الطرح وقد سبقته أسئلة كثيرة من العيار ذاته أخبرتنا قبل هذا الوقت بكثير أننا سائرون في طريق الحمق الجماعي لانلوي على شيء ولانكتزث بشيءألم يسبق للحمقى أن حرموا أكل بطاطس الماكدونالدز لأنها تحفظ حسب زعمهم بدهن الخنزير؟ ألم يسبق لنفس الموتورين أن طالبوا كل من يسافر خارج البلاد ألا يأكل أي نوع من أنواع اللحوم لأنها لاتذبح حسب الطقوس الشرعية؟ بل ألم يسبق لنفس الطائفة الناجية بنفسها الجذلانة بحمقها أن اعتبرت "الكاشير" نوعا مقنعا من "الحلوف" يتم إطعام القوم به قسرا وخفية؟بلى سبق لهم كل ذلك ويزيد، وهو في مجال "الشهيوات" هذا مبهرون بالفعل في تدقيقهم على التفاصيل والحزئيات، مرعبون في اهتمامهم بالشكليات التي يعتبرونها جوهر الدين وينسون الأهم..الدين المعاملة. هكذا علمنا الفقهاء الحقيقيون، لكن في زمن التظاهر والحرص على الشكليات أضحى عدم بيع "لإطارط" في نهاية السنة قمة الإيمانمن المسؤول عن حالة الردة هاته التي أصابت عقول الناس وجعلتها غير قادرة إلا على مثيل هاته الكوارث؟لاأحد وجميعا. هذا هو الجواب...لا أحد لأنه يصعب فعلا تحميل هذا الوزر الكبير وهاته الآفة العظمى لطرف واحد دون الآخرينوجميعا لأن ترديا إلى هذا الحد في التفكير أو في انعدام التفكير - وهذا هو الأصح - لايمكن أن يكون إلا صنيعة جماعية ونتاج قرار من الجميع بالنزول حتى السفح وعدم الاكتفاء بهذا السفح المسكين بل الحفر عميقا بحثا عن قعر أكثر انحداراالمسألة أكبر بكثير من مجرد رغبة في التقيد بشكليات تبدو لبعضنا هي الدين كله. المسألة تعبير عن نجاح تيار بعينه في تحويل مجتمع بأكمله تحويلا عميقا وخطيرا اعتمادا على عمل قاعدي حقيقي استمر عقودا من الزمن وهو اليوم يثمر لنا هاته الثمار غير الطيبة كثيرافي أزمنة أخرى يتذكرها الأكبر سنا منا لم يكن رداء الرأس منتشرا بالكثرة التي ينتشر بها اليوم، بل كانت النساء في لباسهن متحررات جدا ومع ذلك لم يكن التحرش الجنسي منتشرا في الشارع بالشكل الذي هو عليه اليومفي أزمنة أخرى يتذكرها القدماء من بيننا لم يكن هذا التظاهر بشكليات الدين سائدا، بل ربما كان نوع من اللامبالاة أكثر انتشارا ومع ذلك كانت الجرائم أقل في ملتقيات الناس العامةمهلا، لسنا نقول هنا إن التدين ومظاهره هما سبب بلائنا في عديد المجالات مثلما قد يفهم قاصر العقل أو سيء النيةنحن نقول فقط إن التناقض كبير بين مظاهر التدين الشكلية التي ازدادت في المجتمع وبين التردي الأخلاقي والتربوي الذي تكاثر ونماالمفروض والمنطقي لو صدق تظاهرنا بالفعل أن نحيا في مجتمع طاهر ملائكي لايكذب، ولايغش في عمله، لايسرق ولاينافق، ومن الممكن أن تأتمنه على مالك ونفسك وعيالك وأنت مرتاح البال والخاطرلكننا نعيش في الحقيقة وفق شعار "اللي غفل طارت عينو"، فأين الخلل بالتحديد؟ وأين تذهب هاته الجموع من المؤمنين والمؤمنات ظاهريا حين المعقول أي حين المعاملة أي حين الدين الحقيقي؟؟الحكاية أعمق بالفعل من حديث عابر سواء اختار الهزل منها أو اختار الغضب والتعبير عن استياء مشروعالمسألة مرة أخرى لها علاقة بالفرق الفادح والفاضح بين مانقوله علنا وبين مانفعله سرا، بين مانتظاهر به تمثيلا على الناس وبين حقيقتنا الفعلية التي نكتم تفاصيلها الحقيقية لئلا نصدم الآخرين ولئلا نصدم أنفسنا قبل هؤلاء الآخرينوطبعا عندما تلتقي رغبة التمثيل الكاذبة هاته بالجهل بالغباء بالخلط المعيب بين الدين والسياسة بالتدخل غير المؤدب في الحريات الشخصية للناس بتوابل أخرى من كل أطراف الفن الذي نتابعه ونحياه ونعيشه تكون النتيجة هي هاته بالتحديد: لتنبيه حلوى رأس السنة فاعذرونا جازاكم الله خيرا