AHDATH.INFOذكرى 16 ماي: الجرح ![gallery size="full" ids="482252"]وكلما حل هذا اليوم إلا وعادت بالذكرى أيامها إلى تلك الجمعة الخاصة من نوعها من سنة 2003 .انتهى اليوم أو شارف على الانتهاء، والقابعون في نواديهم تلك الأمسية غير مستعدين لسماع ولا لتلقي ولا لعيش ما سيأتي بعد لحظات.في الفندق الكبير الذي يعتلي شارع الجيش الملكي في الدار البيضاء، والذي يحمل من الأسماء إسمين خاصين جدا : فرح وسفير، لا يتصور الرواد المتحلقون حول مشروباتهم يستمتعون ببيانو المدخل‪،‬ أو الزبناء الهادئون في غرفهم أن ماسيأتي سيكون ذا وقع خاص وكبيرا حد أمور لا تطاق..في الميعارة، المقبرة اليهودية، ينام الأجداد والآباء مطمئنين لأنهم اختاروا الدفن في الوطن الأم أولا، ولأن المكان ظل على هيبته الأولى منذ كان هنا ثانيا، أي منذ قديم الزمن، ولا أحد يمكنه أن يتخيل أن مخبولا سيأتي لكي يعكر على الموتى صفوهم بعد تعكير صفو الأحياء.في الكازا دي إسبانيا المتآلفون حول فرحهم الأسبوعي يلتئمون مجددا، يغنون ويلعبون ويضحكون ويشربون ملء الحياة، وملء كل أنخابها وينتشون. يعولون على السبت الموالي للراحة، ويفرغون الأسبوع من قلقه العادي والروتيني بتلك الجلسة الأسبوعية ولا يتصورون أن الرعب واقف على بعد خطوات منهم ينتظر...في الأمكنة الأخرى من المغرب، كان الناس على اطمئنانهم الدائم بأمن وأمان بلادهم، لا يحملون في الدواخل خيانة، ولا يتوقعون غدرا. يعيشون. أي نعم أغلبيتهم تعيش بصعوبة وتصارع الزمن يوميا لأجل رتق ثقوبه اللاتنتهي، لكنهم جميعا يأمنون، يحسون في دواخل الدواخل بالطمأنينة، ولا يخافون ضربة غادرة من الخلف في  هذا البلد الأمين...التاسعة ونيف، أو مايقترب من هذا التوقيت أو يبتعد قليلا. شرعت الدنيا في التقلب جهة الخوف والرعب وكثير الهلع، وشرع المغاربة يطرحون على أنفسهم السؤال ذاته: « واش وقعات شي حاجة فكازا هاد الليلة؟ »الكازاويون، أولئك الذين كانوا داخل الفندق يستعدون للسهر، أو الآخرون الذين كانوا ينتشون في الكازا دي إسبانيا، أو المدفونون في أرض الأجداد في الميعارة، أو العابرون على أقدامهم في المدينة الغول يمنحونها الثقة الكاملة أنها تستطيع أن تستضيف المغرب كلها ولا تتبرم ولا تند عنها عبارة شكوى واحدة، أو الآخرون في بقية المناطق التي ضربها الرعب على حين غدر وخيانة كان لديهم الجواب اليقين: شيء ما اهتز في قلب القلب تلك الليلة.الإرهاب ضرب المغرب في مقتل حقيقي وماسيأتي سيكون صعبا للغاية وأمرا ذا بال...استيقظت البيضاء السبت الموالي، أو لنقل إنها اكتشفت الصبح هي التي لم تغلق عينيها الليلة السابقة كلها، وهي تحاول تصديق ماجرى، وهي تحاول لملمة الجراح، وهي تحاول عد الخسائر، وهي تحاول إقناع نفسها أن ماوقع مجرد كابوس ستستفيق منه إن آجلا أم عاجلا، قبل أن تتأكد أنها الحقيقة على وقع تفجير آخر عبوة ناسفة بقيت عالقة الليل كله في "فرح سفير" قبل أن يفجرها خبراء المتفجرات، ويعلنون بذلك الدوي القوي نهاية يوم حزين سيبصم المغرب لسنوات وسنوات بعد ذلك...كانت « الأحداث المغربية » قبل ذلك اليوم الجريدة الوحيدة في المغرب التي تقول « حذار فمايتهدد هذا البلد أمر عظيم ». بعدها الكل اقتنع أننا لم نكن نحلم، أو نتوهم، ولا كنا نحاول إخافة الناس لأجل الإخافة. بعدها الكل اقتنع أن مايمس الناس في الأماكن الأخرى قادر على مسنا، وأن الحل هو أن نواجهه بشجاعة الكون كلها، وأن نضربه قبل أن يضربنا، وأن نفتح الأعين ملء الوطن حذرا وخوفا وتأهبا واستباقا وكل شيء...وإذا كان من حسنة تذكر لذلك اليوم الحزين، الذي فقدنا فيه أحبة كثرا لا زلنا نتذكرهم إلى اليوم، فهي حسنة أن المغرب لم يعد يقبل أي مزاح مع هذا الموضوع الإرهابي، ولم يعد ينصت ل "غرارين عيشة" الذين يقولون لنا على سبيل التنويم المغناطيسي المتواطئ « أنتم تهولون ».المغرب فهم الدرس جيدا، وقرر بينه وبين نفسه أن يفعل المستحيل لئلا يتكرر ذلك اليوم الحزين. تسلح برجال ظله من حماة هذا البلد الأمين، واستعان بإيمان مواطنيه بأنهم مسؤولون عن بلدهم، وعن أمنهم أولا، وأن دورهم حاسم في الموضوع، واستمرت الحكاية إلى اليوم، وستستمر بكل تأكيد لأن لهذا البلد محبين أكثر بكثير من الكارهين، ولأن الحياة هي الأصل هنا أما الموت فمجرد استثناء يضرب حين غدر، ويختفي.. هو ووجوهه الكالحة، وكل منظريه ومبرريه ومعهم كل الباحثين له عن المشاجب الكاذبة...منذ ذلك اليوم نقولها بنبرة أخرى أكثر إيمانا وثقة بالبلد وناسه: حمى الله المغرب العظيم. آمين، وكفى...ذكرى 16 ماي: الاحتفالية[gallery size="full" ids="482251"]يحق علينا أن نفخر بهم، ويحق لهم أن يحتفلوا يوما واحدا في السنة بكل مايفعلونه السنة كلها. الحديث هنا عن رجال أمننا‪;‬ الذين لن تجد مغربيا واحدا ولا مغربية واحدة غير مستوعبين لأهمية الدور الذي يلعبونه، وغير مستعدين لقول تلك ال ‪"‬شكرا " الكبيرة والضرورية لهؤلاء الذين مهما قلنا ومهما فعلنا لن نوفيهم حقهم في الشكر نظير مايقدمونه لهذا الوطن.الأمن في المغرب صار له في السنوات الأخيرة شكل جديد لا تخطئه العين البصيرة القادرة على التمييز. يريد نفسه فعلا في خدمة الناس والمواطنين والمجتمع. يريد القطع مع صورة قديمة، ويستوعب بمنطق العصر الحديث أن لهذا الجهاز دورا عليه أن يلعبه بكل بساطة هو دور خدمة الناس وتأمينهم وإدخال الشعور بالأمن والأمان إلى قلوبهم.هذه الصورة الجديدة يقف وراءها رجل يسمى عبد اللطيف الحموشي استوعب التعليمات الملكية في هذا الصدد، وفهم الأمانة الملقاة على عاتقه والتي تهم جهازا له علاقة يومية بالناس مايعطيه كل الخطورة التي يكتسيها.ومع الحموشي، نساء ورجال كثر وعديدون، استوعبوا هاته الفرصة الذهبية لتطوير هذا الجهاز وللانتقال به من صورة إلى صورة أخرى. فيهم القيدومون الذين أمضوا أعمارا ينتظرون فرصة مثل هاته للمساهمة في تحديث الجهاز الذي يفخرون بالانتماء إليه، وفيهم شباب يعلمون أن المستقبل يكتب هاته اللحظة على أيديهم، ولا مجال إطلاقا لإخلاف الموعد أو إضاعة هاته الفرصة التاريخية مع الوطن ومع مستقبل الوطن.الجميل في الحكاية هو أننا عندما نجد الأناس المناسبين، ونضعهم في الأمكنة المناسبة الرأي العام كله يتبع هذا الاختيار الحسن، لذلك لن تسمع إلا الإشادة تلو الإشادة بما يقع في الأمن المغربي حاليا، والسبب بسيط وسهل وواضح: مايسميه المغاربة « النية »في العربية الفصحى نضيف إليها الصالحة، لكن لدينا في المغرب نقول « النية » ونكتفي، لأننا نعرف أنها حين تكون صالحة بالفعل تكفينا عن إضافة نعوت لها. لذلك يتوقع الناس خيرا كثيرا لهذا المجال، ويتمنون لو أن المجالات الأخرى استفادت من التقاء الكفاءة هذا مع "النية" مع الرغبة فقط في خدمة المغرب ملكا وشعبا وبلدا، مع الإيمان بهذا المغرب حتى النخاع.في نهاية المطاف نحن لا نحتاج أمورا كبيرة جدا لكي ننجح: نحتاج فقط الكفاءة والنزاهة والأناس الصادقين الذين يخشون الله ويراعون ضميرهم في الصغيرة قبل الكبيرة. بقية التفاصيل التقنية الأخرى مقدور عليها وأيم الله.لذلك نقولها بكل صدق نابع من القلب: كل العام ونساء ورجال أمن هذا البلد الأمين بألف خير...