AHDATH.INFO- سميرة فرزاز- ت: محمد وراقبالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء يعيش الممرضون والأطباء في العناية المركزة تحت أقصى الضغوط، فيما يجهدون لإنقاذ حياة المصابين بفيروس كورونا المستجد، إذ ينهكون بالعمل في مناوبات تصل إلى 12 ساعة تواجه تلك الطواقم الطبية والصحية تحديات تقنية عاطفية لم يختبر كثيرون من أفرادها مثيلا لها، أثناء انخراطهم في مكافحة فيروس لعين اكتسح العالم في بضعة أشهر قليلة قتل ومازال يهدد بقتل الآخرين.عندما شعرت هناء بضيق في الصدر، وهي الأم لطفلين والحامل في خمسة أشهر، نصحها طبيبها الخاص بضرورة تشخيص حالتها لأنه يعتقد أنها مصابة بفيروس كورونا المستجد، وبالفعل كان الفيروس اللعين قد بدأ في التمكن من الشابة التي لم تتجاوز بعد 27 سنة.حاول أطباء مصلحة التخدير والإنعاش بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء مساعدة هناء لتجاوز أزمتها بالتنفس الاصطناعي حتى يستطيع جهازها المناعي القيام بدوره من أجل القضاء على الفيروس، إلا أن نسبة الأكسجين في الدم نزلت إلى أقل مستوى وكانت النهاية الموت.[gallery link="file" size="square" ids="603936"]بين الحياة والموتعندما تذكر البروفيسور الحسين بارو، رئيس قسم الإنعاش والتخدير بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء هناء، اغرورقت عيناه بالدموع، وقال: «كل يوم يموت بالقسم من المصابين بفيروس كورونا المستجد أكثر من أربع حالات، نتأثر بشكل بالغ، نتألم لآلام مرضانا، لكن عندما ماتت هناء بكينا بحرقة، فقد كانت تصارع الموت من أجل جنينها وطفليها، ولكن للأسف كان الفيروس أقوى منها ومنا، كان شرسا للغاية قضى عليها رغم مقاومتها الشديدة له.هناء واحدة من الأشخاص الذين قتلهم الفيروس، ماتت كما يموت ثمانون في المائة من المصابين بكوفيد 19 من الذين تطلبت حالتهم التنفس الاصطناعي.قسم الإنعاش والتخدير، الذي كان قبل شهر فقط قد عاد لاستقبال المرضى العاديين بعد رفع العزل الصحي، فتح أبوابه من جديد لعشرات من المصابين الذين هم في حالة خطرة أو في حالة تستدعي التنفس الاصطناعي حتى أصبح مملوءا عن آخره ليتم الشروع في تجهيز أقسام إضافية نظرا لتزايد الحالات من هذا النوع.لا يمكن الولوج إلى هذا القسم بسهولة، فالأطر الطبية والصحية التي تعمل به هي الوحيدة التي تملك الصلاحية للولوج، لكونه يدخل في إطار العزل الصحي، وبالتالي إجراءات وقاية صارمة من الضروري الالتزام سواء عند الدخول إليه أو الخروج منه.[gallery link="file" size="square" ids="603933"] القسم الواحد يضم عشرة أسرة في غرف مستقلة مزودة بأحدث الأجهزة القادرة على إسعاف المريض في غضون ساعات قليلة، ففيها توجد أجهزة التزود بالأوكسجين وأجهزة التنفس الاصطناعي وأخرى لقياس ضربات القلب والأشعة وغيرها من الأجهزة. ولأنها غرف استثنائية فإنها تكلف كثيرا من أجل تطويرها، لهذا لا يتوفر إلا على 3000 سرير فقط.الأسرة العشر مملوءة عن آخرها بمصابين بكوفيد 19 هاجمهم المرض على غفلة منهم، وانتشر الفيروس بأجسادهم لدرجة بدأ في تدمير جهازهم التنفسي، يصارعون كورونا من أجل البقاء على قيد الحياة.الفيروس لا يفرق بين شاب وكهلمن يقول إن الفئات الهشة من المصابين بأمراض مزمنة وأمراض مناعية ومسنين هم الذين يرقدون بغرف الإنعاش فإنه يجهل طبيعة الفيروس القاتل، كما يقول البروفيسور الحسين بارو، الذي قال إن «غرف الإنعاش تضم مسنين ومصابين يعانون من أمراض مزمنة، كما يضم نساء وحوامل وشبانا لا يعانون من أي مرض، وأطفالا كذلك، فالفيروس لا يفرق بين هذا وذاك، إنه يصيب أيا كان وهاته هي خطورته، خصوصا إذا لم يتم تشخيص الإصابة في وقت مبكر».يحتاج الكثير من المصابين بفيروس كورونا المستجد إلى تلقي العلاج بقسم الإنعاش، حيث تتواصل الجهود من أجل إنقاذ حياة المريض بواسطة معدات متطورة تساعد على التنفس وأداء وظائف أساسية أخرى، فضلا عن حقن الجسم ببعض الأدوية.[gallery link="file" size="square" ids="603935"]ويعد أهم عنصر في رعاية المصابين الذي يعانون من إصابة حادة بفيروس كورونا المستجد، في ظل عدم وجود علاج ثابت للمرض في الوقت الراهن، هو إدخال كمية كافية من الأكسجين في الرئتين، بينما يحارب الجهاز المناعي الفيروس، وهذه خطوة أولى لبداية التعافي، إلا أن هناك من يفشل جهازه المناعي في تدمير الفيروس لأسباب عديدة، إما لضعف مناعته أو معاناته مع أمراض أخرى أو لتأخر تشخيص حالته.يشرف على هؤلاء المصابين متخصصون في الإنعاش من أطر طبية وصحية، يعملون منذ الثاني من مارس الماضي، أي عند تسجيل أول حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد في المغرب، عبروا جميعا عن تعبهم الشديد في مواجهة الجائحة التي اجتاحت العالم. يقول البروفيسور بارو: «تعبنا مزدوج، فقد تعبنا كوننا لم نستفد من أي عطلة، وهذا أعتبره طبيعيا لأن الجائحة مازالت مستمرة في البلاد والوضع الوبائي الحالي لا يبشر بالخير، وتعبنا نفسيا فنحن نعيش يوميا على إيقاع أربع إلى خمس وفيات في اليوم، رغم المجهودات والتضحيات التي نقدمها».نفس الشيء أكدته إحدى الممرضات، التي أشارت إلى أنها تموت ألف مرة في اليوم عندما ترى حالات تصارع الموت «ونحن نقف عاجزين أمام قوة الفيروس اللعين، لهذا لا نطلب من المواطن إلا الالتزام بالإجراءات التي سطرتها الحكومة حتى نتجاوز هذه المحنة معا».